إنَّمَا تَتَعَيَّنُ
ــ
[مغني المحتاج]
لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا. وَقِيلَ: لِمَا جُمِعَ فِي يَوْمِهَا مِنْ الْخَيْرِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ جُمِعَ فِيهِ خَلْقُ آدَمَ. وَقِيلَ: لِاجْتِمَاعِهِ فِيهِ مَعَ حَوَّاءَ فِي الْأَرْضِ، وَكَانَ يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ الْعُرُوبَةِ أَيْ الْمُبِينِ الْمُعَظَّمِ. وَقِيلَ يَوْمُ الرَّحْمَةِ قَالَ الشَّاعِرُ: [الْبَسِيطَ]
نَفْسِي الْفِدَاءُ لِأَقْوَامٍ هُمْ خَلَطُوا ... يَوْمَ الْعُرُوبَةِ أَوْرَادًا بِأَوْرَادِ
وَهِيَ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ، وَيَوْمُهَا أَفْضَلُ الْأَيَّامِ، وَخَيْرُ يَوْمِ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ، يُعْتِقُ اللَّهُ فِيهِ سِتَّمِائَةَ أَلْفِ عَتِيقٍ مِنْ النَّارِ، مَنْ مَاتَ فِيهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ شَهِيدٍ، وَوُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَفِي فَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ مَرْفُوعًا «يَوْمُ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الْأَيَّامِ وَأَعْظَمُهَا، وَأَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ الْأَضْحَى» وَهِيَ بِشُرُوطِهَا فَرْضُ عَيْنٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [الجمعة: ٩] [الْجُمُعَةَ] أَيْ امْضُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ. وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» (٢) . وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ» (٢) . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.
وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ نَبَذَ الْإِسْلَامَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، وَفُرِضَتْ الْجُمُعَةُ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ، وَلَمْ يُصَلِّهَا حِينَئِذٍ إمَّا لِأَنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ عَدَدُهَا عِنْدَهُ، أَوْ لِأَنَّ مِنْ شِعَارِهَا الْإِظْهَارَ. وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا مُسْتَخْفِيًا، وَالْجَدِيدُ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَيْسَتْ ظُهْرًا مَقْصُورًا وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا وَقْتَهُ وَتُدْرَكُ بِهِ، بَلْ صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لِأَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْهَا، وَلِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «الْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى» . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ حَسَنٌ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهَا ظُهْرٌ مَقْصُورٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ: وَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْخَمْسِ فِي الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ وَالْآدَابِ، وَتَخْتَصُّ بِشُرُوطٍ لِصِحَّتِهَا، وَشُرُوطٍ لِلُزُومِهَا وَبِآدَابٍ، وَسَتَأْتِي كُلُّهَا.
وَ (إنَّمَا تَتَعَيَّنُ) أَيْ تَجِبُ وُجُوبَ عَيْنٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute