وَقِيلَ التَّحَلُّلُ، وَقِيلَ بِأَوَّلِ الْخُطْبَةِ فَلَوْ وَقَعَتَا مَعًا أَوْ شَكَّ اُسْتُؤْنِفَتْ الْجُمُعَةُ، وَإِنْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تَتَعَيَّنْ أَوْ تَعَيَّنَتْ وَنُسِيَتْ صَلَّوْا ظُهْرًا، وَفِي قَوْلٍ جُمُعَةً.
الرَّابِعُ: الْجَمَاعَةُ وَشَرْطُهَا كَغَيْرِهَا، وَأَنْ تُقَامَ بِأَرْبَعِينَ
ــ
[مغني المحتاج]
الْإِمَامَ لَا عِبْرَةَ بِهِ مَعَ وُجُودِ أَرْبَعِينَ كَامِلِينَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ فِي الْوَقْتِ وَسَلَّمَ الْقَوْمُ خَارِجَهُ أَنَّهُ لَا جُمُعَةَ لِلْجَمِيعِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْعَدَدِ لَا بِالْإِمَامِ وَحْدَهُ (وَقِيلَ) الْمُعْتَبَرُ سَبْقُ (التَّحَلُّلِ) وَهُوَ تَمَامُ السَّلَامِ لِلْأَمْنِ مَعَهُ مِنْ عُرُوضِ فَسَادِ الصَّلَاةِ، فَكَانَ اعْتِبَارُهُ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ مَا قَبْلَهُ (وَقِيلَ) السَّبْقُ (بِأَوَّلِ الْخُطْبَةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخُطْبَتَيْنِ بَدَلٌ عَنْ رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ دَخَلَتْ طَائِفَةٌ فِي الْجُمُعَةِ فَأَخْبَرُوهُمْ بِأَنَّ طَائِفَةً سَبَقَتْهُمْ أَتَمُّوهَا ظُهْرًا، كَمَا لَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِيهَا وَاسْتَأْنَفُوا الظُّهْرَ وَهُوَ أَفْضَلُ لِيَصِحَّ ظُهْرُهُمْ بِالِاتِّفَاقِ (فَلَوْ وَقَعَتَا مَعًا أَوْ شَكَّ) فِي الْمَعِيَّةِ، فَلَمْ يَدْرِ أَوَقَعَتَا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا (اُسْتُؤْنِفَتْ الْجُمُعَةُ) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِتَدَافُعِهِمَا فِي الْمَعِيَّةِ، فَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي صُورَةِ الشَّكِّ عَدَمُ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَحُكْمُ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّهُمْ إذَا أَعَادُوا الْجُمُعَةَ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُمْ مُشْكِلٌ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ إحْدَاهُمَا فَلَا تَصِحُّ أُخْرَى، فَالْيَقِينُ أَنْ يُقِيمُوا جُمُعَةً ثُمَّ ظُهْرًا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمَا قَالَهُ مُسْتَحَبٌّ وَإِلَّا فَالْجُمُعَةُ كَافِيَةٌ فِي الْبَرَاءَةِ كَمَا قَالُوهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُقُوعِ جُمُعَةٍ مُجْزِئَةٍ فِي حَقِّ كُلِّ طَائِفَةٍ.
قَالَ غَيْرُهُ: وَلِأَنَّ السَّبْقَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَوْ يُظَنَّ لَمْ يُؤَثِّرْ احْتِمَالُهُ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى عِلْمِ الْمُكَلَّفِ أَوْ ظَنِّهِ لَا إلَى نَفْسِ الْأَمْرِ (وَإِنْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تَتَعَيَّنْ) كَأَنْ سَمِعَ مَرِيضَانِ أَوْ مُسَافِرَانِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ تَكْبِيرَتَيْنِ مُتَلَاحِقَتَيْنِ وَجَهِلَا الْمُتَقَدِّمَ فَأَخْبَرَاهُمْ بِالْحَالِ، وَالْعَدْلُ الْوَاحِدُ كَافٍ فِي ذَلِكَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا (أَوْ تَعَيَّنَتْ وَنُسِيَتْ) بَعْدَهُ (صَلَّوْا ظُهْرًا) لِأَنَّا تَيَقَّنَّا وُقُوعَ جُمُعَةٍ صَحِيحَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَا يُمْكِنُ إقَامَةُ جُمُعَةٍ بَعْدَهَا وَالطَّائِفَةُ الَّتِي صَحَّتْ لَهَا الْجُمُعَةُ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، وَالْأَصْلُ. بَقَاءُ الْفَرْضِ فِي حَقِّ كُلِّ طَائِفَةٍ، فَوَجَبَ عَلَيْهِمَا الظُّهْرُ (وَفِي قَوْلٍ جُمُعَةٌ) لِأَنَّ الْمَفْعُولَتَيْنِ غَيْرُ مُجْزِئَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الِالْتِبَاسَ يَجْعَلُ الصَّحِيحَةَ كَالْعَدَمِ فَصَارَ وُجُودُهُمَا كَعَدَمِهِمَا. وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَرْجِيحُ طَرِيقَةٍ قَاطِعَةٍ فِي الثَّانِيَةِ بِالْأَوَّلِ. وَقَالَ الْمُزَنِيّ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا لَوْ سَمِعَ مِنْ أَحَدِ الشَّخْصَيْنِ حَدَثٌ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ.
فَائِدَةٌ: الْجَمْعُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا مَعَ الزَّائِدِ عَلَيْهَا كَالْجُمُعَتَيْنِ الْمُحْتَاجِ إلَى إحْدَاهُمَا، فَفِي ذَلِكَ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِيهِمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُرْهَانُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ.
(الرَّابِعُ) مِنْ الشُّرُوطِ (الْجَمَاعَةُ) بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ فَلَا تَصِحُّ بِالْعَدَدِ فُرَادَى، إذْ لَمْ يُنْقَلْ فِعْلُهَا كَذَلِكَ، وَالْجَمَاعَةُ شَرْطٌ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَقَطْ، بِخِلَافِ الْعَدَدِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي جَمِيعِهَا كَمَا سَيَأْتِي، فَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ رَكْعَةً بِأَرْبَعِينَ ثُمَّ أَحْدَثَ فَأَتَمَّ كُلٌّ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ أَجْزَأَتْهُمْ الْجُمُعَةُ (وَشَرْطُهَا كَغَيْرِهَا) مِنْ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَالْعِلْمِ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ إلَّا فِي نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فَتَجِبُ هُنَا عَلَى الْأَصَحِّ لِتَحْصُلَ لَهُ الْجَمَاعَةُ، (وَأَنْ تُقَامَ بِأَرْبَعِينَ) مِنْهُمْ الْإِمَامُ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute