اثْنَانِ.
وَتَصِحُّ خَلْفَ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالْمُسَافِرِ فِي الْأَظْهَرِ إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ.
وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ فِي الْأَظْهَرِ إنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَلَا.
ــ
[مغني المحتاج]
«أَنَّهُمْ انْفَضُّوا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} [الجمعة: ١١] الْجُمُعَةَ الْآيَةَ» ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَرْبَعِينَ لَا تُشْتَرَطُ فِي دَوَامِ الصَّلَاةِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ هَذَا كَانَ فِي الْخُطْبَةِ كَمَا وَرَدَ فِي مُسْلِمٍ، وَرَجَّحَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى مَا وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي الْبُخَارِيِّ فِي الصَّلَاةِ وَحَمَلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى الْخُطْبَةِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِذَا كَانَ فِي الْخُطْبَةِ فَلَعَلَّهُمْ عَادُوا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ، وَفِي قَوْلٍ لَا تَبْطُلُ إنْ بَقِيَ (اثْنَانِ) مَعَ الْإِمَامِ اكْتِفَاءً بِدَوَامِ مُسَمَّى الْجَمْعِ، وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ إنَّهُ يَكْفِي بَقَاءُ وَاحِدٍ مَعَهُ لِوُجُودِ اسْمِ الْجَمَاعَةِ، وَفِي رَابِعٍ أَنَّهُ يُتِمُّهَا جُمُعَةً وَإِنْ بَقِيَ وَحْدَهُ، وَفِي خَامِسٍ إنْ حَصَلَ الِانْفِضَاضُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَطَلَتْ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا وَيُتِمُّهَا جُمُعَةً وَإِنْ بَقِيَ وَحْدَهُ وَالْمُرَادُ عَلَى الْأَوَّلِ انْفِضَاضُ مُسَمَّى الْعَدَدِ لَا الَّذِينَ حَضَرُوا الْخُطْبَةَ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِتِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ حَضَرُوا الْخُطْبَةَ ثُمَّ انْفَضُّوا بَعْدَ إحْرَامِ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ لَمْ يَسْمَعُوهَا أَتَمَّ بِهِمْ الْجُمُعَةَ لِأَنَّهُمْ إذَا لَحِقُوا وَالْعَدَدُ تَامٌّ صَارَ حُكْمُهُمْ وَاحِدًا، فَسَقَطَ عَنْهُمْ سَمَاعُ الْخُطْبَةِ، وَإِنْ انْفَضُّوا قَبْلَ إحْرَامِهِمْ بِهِ اسْتَأْنَفَ الْخُطْبَةَ بِهِمْ، فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ بِدُونِهَا، وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ لِانْتِفَاءِ سَمَاعِهِمْ وَلُحُوقِهِمْ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِهِمْ فَانْفَضُّوا إلَّا ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ فَكَمُلُوا أَرْبَعِينَ بِخُنْثَى، فَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ بَعْدَ انْفِضَاضِهِمْ لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُمْ لِلشَّكِّ فِي تَمَامِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ وَإِلَّا صَحَّتْ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِانْعِقَادِهَا وَصِحَّتِهَا وَشَكَكْنَا فِي نَقْصِ الْعَدَدِ بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ، وَالْأَصْلُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ فَلَا نُبْطِلُهَا بِالشَّكِّ، كَمَا لَوْ شَكَّ فِي الصَّلَاةِ هَلْ كَانَ مَسَحَ رَأْسَهُ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ.
(وَتَصِحُّ) الْجُمُعَةُ (خَلْفَ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالْمُسَافِرِ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ خَلْفَ كُلٍّ مِنْهُمْ (إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ) لِصِحَّتِهَا مِنْهُمْ كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُمْ وَالْعَدَدُ قَدْ وُجِدَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ وَجُمُعَةُ الْإِمَامِ صَحِيحَةٌ، وَالِاقْتِدَاءُ بِمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ فِيهَا جَائِزٌ. وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْإِمَامَ رُكْنٌ فِي صِحَّةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ، فَاشْتُرِطَ فِيهِ الْكَمَالُ كَالْأَرْبَعِينَ بَلْ أَوْلَى، وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُتَنَفِّلًا فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ وَلَا نَقْصَ فِيهِ. تَنْبِيهٌ تَعْبِيرُهُ بِالْأَظْهَرِ فِي الثَّلَاثَةِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَصَحَّ فِي الْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ طَرِيقَةُ الْقَطْعِ بِالصِّحَّةِ لَا طَرِيقَةُ الْخِلَافِ. وَالثَّانِي أَنَّ الْخِلَافَ عَلَى تَقْدِيرِ إثْبَاتِهِ فِيهِمَا وَجْهَانِ لَا قَوْلَانِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْعَطْفَ إذَا كَانَ بِالْوَاوِ لَا يُفْرَدُ الضَّمِيرُ. أَمَّا إذَا تَمَّ الْعَدَدُ بِوَاحِدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ فَلَا تَصِحُّ جَزْمًا.
(وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ فِي الْأَظْهَرِ إنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ) كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةُ تَقُومُ بِالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَإِذَا بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا بَانَ أَنْ لَا جُمُعَةَ لَهُ وَلَا جَمَاعَةَ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَحَكَى فِي الْمَجْمُوعِ طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِالْأَوَّلِ وَصَحَّحَهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِهِ (فَلَا) تَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ جَزْمًا لِأَنَّ الْكَمَالَ شَرْطٌ فِي الْأَرْبَعِينَ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute