للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ انْفَضَّ الْأَرْبَعُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ فِي الْخُطْبَةِ لَمْ يُحْسَبْ الْمَفْعُولُ فِي غَيْبَتِهِمْ، وَيَجُوزُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى إنْ عَادُوا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ، وَكَذَا بِنَاءُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ إنْ انْفَضُّوا بَيْنَهُمَا، فَإِنْ عَادُوا بَعْدَ طُولِهِ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ فِي الْأَظْهَرِ.

وَإِنْ انْفَضُّوا فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ، وَفِي قَوْلٍ لَا إنْ بَقِيَ

ــ

[مغني المحتاج]

لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الِابْتِدَاءِ، فَكَانَ شَرْطًا فِي جَمِيعِ الْأَجْزَاءِ كَالْوَقْتِ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَسْمَعُوا أَرْكَانَ الْخُطْبَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَ) عَلَى هَذَا (لَوْ انْفَضَّ الْأَرْبَعُونَ) الْحَاضِرُونَ (أَوْ بَعْضُهُمْ فِي الْخُطْبَةِ لَمْ يُحْسَبْ الْمَفْعُولُ) مِنْ أَرْكَانِهَا (فِي غَيْبَتِهِمْ) لِعَدَمِ سَمَاعِهِمْ لَهُ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] [الْأَعْرَافَ] . قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: الْمُرَادُ بِهِ الْخُطْبَةُ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْمَعَ أَرْبَعُونَ جَمِيعَ أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ، وَلَا يَأْتِي هُنَا الْخِلَافُ الْآتِي فِي الِانْفِضَاضِ مِنْ الصَّلَاةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُصَلٍّ بِنَفْسِهِ، فَجَازَ أَنْ يَتَسَامَحَ فِي نُقْصَانِ الْعَدَدِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْخُطْبَةِ إسْمَاعُ النَّاسِ، فَإِذَا انْفَضَّ الْأَرْبَعُونَ بَطَلَ حُكْمُ الْخُطْبَةِ، وَإِذَا انْفَضَّ بَعْضُهُمْ بَطَلَ حُكْمُ الْعَدَدِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْبَعِينَ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ، وَهُوَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ عَلَى الْأَصَحِّ، فَلَوْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ الْكَامِلِ أَرْبَعُونَ فَانْفَضَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَضُرَّ. وَأَوْرَدَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ عَلَى الْمَتْنِ (وَيَجُوزُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى) مِنْهَا (إنْ عَادُوا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ) عُرْفًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ كَمَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ لَوْ سَلَّمَ نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ (وَكَذَا بِنَاءُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ إنْ انْفَضُّوا بَيْنَهُمَا) وَعَادُوا قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ لِمَا مَرَّ (فَإِنْ عَادُوا بَعْدَ طُولِهِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ) فِيهِمَا لِلْخُطْبَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) سَوَاءٌ كَانَ بِعُذْرٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ ذَلِكَ إلَّا مُتَوَالِيًا، وَكَذَا الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ، وَلِأَنَّ الْمُوَالَاةَ لَهَا مَوْقِعٌ فِي اسْتِمَالَةِ النَّفْسِ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ أَلْفَاظِ الْخُطْبَةِ هُوَ الْوَعْظُ وَالتَّذْكِيرُ، وَمِنْ الصَّلَاةِ إيقَاعُ الْفَرْضِ فِي جَمَاعَةٍ وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ التَّفْرِيقِ، وَخَرَجَ بِعَادُوا مَا لَوْ عَادَ بَدَلُهُمْ، فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْنَافِ وَإِنْ قَصُرَ الْفَصْلُ.

(وَإِنْ انْفَضُّوا) أَيْ الْأَرْبَعُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ (فِي الصَّلَاةِ) بِأَنْ أَخْرَجُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ أَبْطَلُوهَا (بَطَلَتْ) أَيْ الْجُمُعَةُ لِفَوَاتِ الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ فِي دَوَامِهَا فَيُتِمُّهَا مَنْ بَقِيَ ظُهْرًا، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ وَتَبَطَّأَ الْمَأْمُومُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ بِالْإِحْرَامِ عَقِبَ إحْرَامِ الْإِمَامِ ثُمَّ أَحْرَمُوا، فَإِنْ تَأَخَّرَ تَحَرُّمُهُمْ عَنْ رُكُوعِهِ فَلَا جُمُعَةَ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ رُكُوعِهِ، فَإِنْ أَدْرَكُوا الرُّكُوعَ مَعَ الْفَاتِحَةِ صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا لِإِدْرَاكِهِمْ الرُّكُوعَ وَالْفَاتِحَةَ مَعَهُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَسَبَقَهُ فِي الْأَوَّلِ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِيَامِ كَمَا لَمْ يَمْنَعْ إدْرَاكُهُمْ الرَّكْعَةَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادُ الْجُمُعَةِ وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ: يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَ إحْرَامِهِ وَإِحْرَامِهِمْ (وَفِي قَوْلٍ لَا) تَبْطُلُ (إنْ بَقِيَ) اثْنَا عَشَرَ مَعَ الْإِمَامِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>