وَأَنْ يَتَزَيَّنَ بِأَحْسَنِ ثِيَابِهِ، وَطِيبٍ، وَإِزَالَةِ الظُّفُرِ وَالرِّيحِ
ــ
[مغني المحتاج]
حُظُوظِ النَّفْسِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَزُولُ بِالْإِذْنِ، وَمِنْهَا مَا إذَا كَانَ الْجَالِسُونَ عَبِيدًا لَهُ أَوْ أَوْلَادًا، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ عَبْدَهُ لِيَأْخُذَ لَهُ مَوْضِعًا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَإِذَا حَضَرَ السَّيِّدُ تَأَخَّرَ الْعَبْدُ قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَقْعُدُ لَهُ فِي مَكَان لِيَقُومَ عَنْهُ إذَا جَاءَ هُوَ، وَلَوْ فُرِشَ لِأَحَدٍ ثَوْبٌ أَوْ نَحْوُهُ فَلِغَيْرِهِ تَنْحِيَتُهُ وَالصَّلَاةُ مَكَانَهُ لَا الْجُلُوسُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ، وَلَا يَرْفَعُهُ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا لِئَلَّا يَدْخُلَ فِي ضَمَانِهِ.
(وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَتَزَيَّنَ) حَاضِرُ الْجُمُعَةِ الذَّكَرُ (بِأَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَطِيبٍ) لِحَدِيثِ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إذَا كَانَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ وَلَمْ يَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ ثُمَّ صَلَّى مَا كَتَبَ اللَّهُ ثُمَّ أَنْصَتَ إذَا خَرَجَ إمَامُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ كَانَ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ الَّتِي قَبْلَهَا» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، وَقَالَ: إنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَأَفْضَلُ ثِيَابِهِ الْبِيضُ لِخَبَرِ «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ. ثُمَّ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ قَبْلَ نَسْجِهِ كَالْبُرْدِ لَا مَا صُبِغَ مَنْسُوجًا إذْ يُكْرَهُ لُبْسُهُ كَمَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يَلْبَسْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَبِسَ الْبُرْدَ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ لَهُ بُرْدٌ يَلْبَسُهُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ» ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا، وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَزِيدَ فِي حُسْنِ الْهَيْئَةِ وَالْعِمَّةِ وَالِارْتِدَاءِ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهُ مَنْظُورٌ إلَيْهِ، وَتَرْكُ لُبْسِ السَّوَادِ لَهُ أَوْلَى مِنْ لُبْسِهِ إلَّا إنْ خَشِيَ فِتْنَةً تَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ. أَمَّا الْمَرْأَةُ إذَا أَرَادَتْ حُضُورَ الْجُمُعَةِ فَيُكْرَهُ لَهَا التَّطَيُّبُ وَالزِّينَةُ وَفَاخِرُ الثِّيَابِ. نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لَهَا قَطْعُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ، وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ فِيمَا ذُكِرَ الْخُنْثَى (وَإِزَالَةِ الظُّفُرِ) إنْ طَالَ وَالشَّعْرِ كَذَلِكَ فَيَنْتِفُ إبْطَهُ، وَيَقُصُّ شَارِبَهُ، وَيَحْلِقُ عَانَتَهُ، وَيَقُومُ مَقَامَ الْحَلْقِ وَالْقَصِّ وَالنَّتْفِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَتَنْتِفُ عَانَتَهَا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ عِنْدَ أَمْرِ الزَّوْجِ لَهَا بِهِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ تَفَاحَشَ وَجَبَ قَطْعًا، وَالْعَانَةُ الشَّعْرُ النَّابِتُ حَوَالَيْ ذَكَرِ الرَّجُلِ وَقُبُلِ الْمَرْأَةِ، وَقِيلَ مَا حَوْلَ الدُّبُرِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْأَوْلَى حَلْقُ الْجَمِيعِ. أَمَّا حَلْقُ الرَّأْسِ فَلَا يُنْدَبُ إلَّا فِي نُسُكٍ، وَفِي الْمَوْلُودِ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهِ، وَفِي الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ. وَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مُبَاحٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَيَتَزَيَّنُ الذَّكَرُ بِحَلْقِ رَأْسِهِ إنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِذَلِكَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَذَا لَوْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ وَكَانَ بِرَأْسِهِ زُهُومَةٌ لَا تَزُولُ إلَّا بِالْحَلْقِ، وَيُسَنُّ دَفْنُ. مَا يُزِيلُهُ مِنْ شَعْرٍ وَظُفُرٍ وَدَمٍ، وَالتَّوْقِيتُ فِي إزَالَةِ الشَّعْرِ وَالظُّفُرِ بِالطُّولِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ، وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: أُقِّتَ لَنَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ يُكْرَهُ لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى (وَ) إزَالَةُ (الرِّيحِ) الْكَرِيهَةِ كَالصُّنَانِ لِأَنَّهُ يُتَأَذَّى بِهِ فَيُزَالُ بِالْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: مَنْ نَظَّفَ ثَوْبَهُ قَلَّ هَمُّهُ، وَمَنْ طَابَ رِيحُهُ زَادَ عَقْلُهُ، وَيُسَنُّ السِّوَاكُ. ثُمَّ هَذِهِ الْأُمُورُ لَا تَخْتَصُّ بِالْجُمُعَةِ بَلْ تُسْتَحَبُّ لِكُلِّ حَاضِرٍ بِجَمْعٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ لَكِنَّهَا فِي الْجُمُعَةِ أَشَدُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute