للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَحِلُّ مَا طُرِّزَ أَوْ طُرِّفَ بِحَرِيرٍ قَدْرَ الْعَادَةِ.

ــ

[مغني المحتاج]

وَالْمُصْمَتُ الْخَالِصُ، وَالْعَلَمُ الطِّرَازُ وَنَحْوُهُ وَلَا أَثَرَ لِلظُّهُورِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ فِي قَوْلِهِ: إنْ ظَهَرَ الْحَرِيرُ فِي الْمُرَكَّبِ حَرُمَ وَإِنْ قَلَّ وَزْنُهُ، وَإِنْ اسْتَتَرَ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ كَثُرَ وَزْنُهُ، وَيَنْبَغِي عَلَى عَدَمِ الْحُرْمَةِ الْكَرَاهَةُ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ الْأَكْثَرُ الْحَرِيرُ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ حَرُمَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ.

(وَيَحِلُّ) لِمَنْ ذُكِرَ (مَا) أَيْ ثَوْبٌ (طُرِّزَ) أَوْ رُقِّعَ بِحَرِيرٍ إذَا لَمْ يُجَاوِزْ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مَضْمُومَةٍ، دُونَ مَا يُجَاوِزُهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إلَّا مَوْضِعَ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ» (١) وَلَوْ كَثُرَتْ مَحَالُّهَا بِحَيْثُ يَزِيدُ الْحَرِيرُ عَلَى غَيْرِهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْحَلِيمِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى طِرَازَيْنِ كُلُّ طِرَازٍ عَلَى كَمْ، وَأَنَّ كُلَّ طِرَازٍ لَا يَزِيدُ عَلَى أُصْبُعَيْنِ لِيَكُونَ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ، وَالتَّطْرِيزُ أَنْ يُرَكَّبَ عَلَى الثَّوْبِ طِرَازٌ كُلُّهُ مِنْ حَرِيرٍ، أَمَّا الْمُطَرَّزُ بِالْإِبْرَةِ فَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ كَالْمَنْسُوجِ حَتَّى يَكُونَ مَعَ الثَّوْبِ كَالْمُرَكَّبِ مِنْ حَرِيرِهِ وَغَيْرِهِ لَا كَالطِّرَازِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ مِثْلُهُ، وَيَحِلُّ حَشْوُ جُبَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا بِهِ كَالْمِخَدَّةِ لِأَنَّ الْحَشْوَ لَيْسَ ثَوْبًا مَنْسُوجًا وَلَا يُعَدُّ صَاحِبُهُ لَابِسَ حَرِيرٍ، وَبِهَذَا فَارَقَ تَحْرِيمَ الْبِطَانَةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ بِطَانَةَ الْجُبَّةِ أَوْ نَحْوِهَا حَرِيرًا (أَوْ) يَحِلُّ مَا (طُرِّفَ بِحَرِيرٍ قَدْرَ الْعَادَةِ) بِأَنْ يَجْعَلَ طَرَفَ ثَوْبِهِ مُسْجَفًا بِالْحَرِيرِ بِقَدْرِ الْعَادَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ جُبَّةٌ يَلْبَسُهَا لَهَا لِبْنَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ» وَاللِّبْنَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْبَاءِ رُقْعَةٌ فِي جَيْبِ الْقَمِيصِ أَيْ طَوْقِهِ، وَالْمَكْفُوفُ الَّذِي جُعِلَ لَهُ كُفَّةٌ بِضَمِّ الْكَافِ أَيْ سِجَافٌ.

أَمَّا مَا جَاوَزَ الْعَادَةَ فَيَحْرُمُ، وَفُرِّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ اعْتِبَارِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّ التَّطْرِيفَ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ زِينَةٍ فَيَتَقَيَّدُ بِالْأَرْبَعِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمُطَرَّزِ وَالْمُطَرَّفِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَكَالتَّطْرِيفِ طَرَفَا الْعِمَامَةِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْرَ شِبْرٍ، وَفَرْقُ بَيْنِ كُلِّ أَرْبَعِ أَصَابِعَ مِقْدَارَ قَلَمٍ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ قُطْنٍ. قَالَ الْغَزِّيُّ: وَهَذَا بِنَاءً مِنْهُ عَلَى اعْتِبَارِ الْعَادَةِ فِيهِ اهـ.

فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ عَلَى خِلَافِهِ اُعْتُبِرَتْ إذْ الْعَادَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَزْمَانِ وَالْأَمَاكِنِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِحَرِيرٍ عَنْ التَّطْرِيزِ أَوْ التَّطْرِيفِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَإِنَّهُ حَرَامٌ وَإِنْ قَلَّ؛ لِكَثْرَةِ الْخُيَلَاءِ فِيهِ، وَإِنْ جَعَلَ بَيْنَ الْبِطَانَةِ وَالظِّهَارَةِ ثَوْبًا حَرِيرًا جَازَ لُبْسُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ: فِيهِ نَظَرٌ، وَتَحِلُّ خِيَاطَةُ الثَّوْبِ بِهِ وَيَحِلُّ لُبْسُهُ وَلَا يَجِيءُ فِيهِ تَفْصِيلُ الْمُضَبَّبِ؛ لِأَنَّ الْحَرِيرَ أَهْوَنُ مِنْ الْأَوَانِي.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيَحِلُّ مِنْهُ خَيْطُ السُّبْحَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُقَاسَ بِهِ لِيقَةُ الدَّوَاةِ وَقَالَ الْفُورَانِيُّ: وَيَجُوزُ مِنْهُ كِيسُ الْمُصْحَفِ لِلرَّجُلِ، وَلَوْ فَرَشَ ثَوْبَ قُطْنٍ مَثَلًا فَوْقَ ثَوْبِ دِيبَاجٍ وَجَلَسَ عَلَيْهِ جَازَ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَغَوِيُّ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَغَطَّى فَوْقَ حَائِلٍ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>