للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِلْحَاجَةِ كَجَرَبٍ وَحَكَّةٍ وَدَفْعِ قَمْلٍ، وَلِلْقِتَالِ كَدِيبَاجٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، وَيَحْرُمُ الْمُرَكَّبُ مِنْ إبْرَيْسَمَ وَغَيْرِهِ إنْ زَادَ وَزْنُ الْإِبْرَيْسَمِ، وَيَحِلُّ عَكْسُهُ، وَكَذَا إنْ اسْتَوَيَا فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[مغني المحتاج]

السَّيْفِ وَنَحْوِهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَصَحَّحَهُ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْجَوَازِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ.

(وَ) يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا (لِلْحَاجَةِ كَجَرَبٍ وَحِكَّةٍ) إنْ آذَاهُ لَيْسَ غَيْرَهُ كَمَا شَرَطَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ فِي لُبْسِهِ لِلْحِكَّةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١) . وَالْحِكَّةُ - بِكَسْرِ الْحَاءِ - الْجَرَبُ الْيَابِسُ، وَهُوَ الْحَصْفُ، وَلِذَلِكَ غَايَرَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا، وَالْجَوْهَرِيُّ جَعَلَ الْحِكَّةَ وَالْجَرَبَ وَاحِدًا، وَكَذَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَتَهْذِيبِ اللُّغَاتِ.

فَإِنْ قِيلَ: هَلْ مِنْ شَرْطِ جَوَازِهِ لِذَلِكَ أَنْ لَا يَجِدَ مَا يُغْنِي عَنْهُ مِنْ دَوَاءٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي التَّدَاوِي بِالنَّجَاسَةِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ عَدَمُ التَّسْوِيَةِ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْحَرِيرِ أُبِيحَ لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَكَانَ أَخَفَّ مِنْ النَّجَاسَةِ (وَ) لِلْحَاجَةِ فِي (دَفْعِ قَمْلٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْمَلْ بِالْخَاصَّةِ، وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - شَكَيَا الْقَمْلَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَرْخَصَ لَهُمَا فِي قَمِيصِ الْحَرِيرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَطْلَقَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ إذْ الْمَعْنَى يَقْتَضِي عَدَمَ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَضَرِ غَيْرَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ التَّعَهُّدَ وَالتَّفَقُّدَ فِيهِ سَهْلٌ.

تَنْبِيهٌ: يَدْخُلُ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْحَاجَةِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَعَنْ عُيُونِ النَّاسِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَ الْحَرِيرِ، وَكَذَا السَّتْرُ فِي الْخَلْوَةِ إنْ أَوْجَبْنَاهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَنَظَرَ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا زَادَ عَلَى الْعَوْرَةِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى النَّاسِ. وَالْقَمْلُ جَمْعُ قَمْلَةٍ، وَهُوَ الْقَمْلُ الْمُرْسَلُ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فِي قَوْلِ عَطَاءٍ، وَقِيلَ الْبَرَاغِيثُ قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ، وَقِيلَ السُّوسُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (وَ) لِلْحَاجَةِ (لِلْقِتَالِ كَدِيبَاجٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّدْبِيجِ وَهُوَ النَّقْشُ وَالتَّزْيِينُ أَصْلُهُ دِيبَاهٌ بِالْهَاءِ وَجَمْعُهُ دَيَابِيجُ وَدَيَابِجُ (لَا يَقُومُ غَيْرُهُ) فِي دَفْعِ السِّلَاحِ (مَقَامَهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ لِأَنَّهُ مِنْ ثُلَاثِيٍّ تَقُولُ: قَامَ هَذَا مَقَامَ ذَاكَ بِالْفَتْحِ، وَأَقَمْته مُقَامَهُ بِالضَّمِّ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ فِي حُكْمِ الضَّرُورَةِ. أَمَّا إذَا وُجِدَ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا " أَوْ فَجْأَةِ حَرْبٍ " فَإِنَّهُ إذَا جَازَ لِمُجَرَّدِ الْمُحَارَبَةِ فَلَأَنْ يَجُوزَ لِلْقِتَالِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَيَحْرُمُ) عَلَى الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى (الْمُرَكَّبُ مِنْ إبْرَيْسَمَ) وَهُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَبِفَتْحِهِمَا وَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ: الْحَرِيرُ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ (وَغَيْرِهِ) كَغَزْلٍ وَقُطْنٍ (إنْ زَادَ وَزْنُ الْإِبْرَيْسَمِ) عَلَى غَيْرِهِ (وَيَحِلُّ عَكْسُهُ) هُوَ مُرَكَّبٌ نَقَصَ فِيهِ الْإِبْرَيْسَمُ عَنْ غَيْرِهِ كَالْخَزِّ سَدَاهُ حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ صُوفٌ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْأَكْثَرِ فِيهِمَا (وَكَذَا) يَحِلُّ (إنْ اسْتَوَيَا) وَزْنًا فِيمَا رُكِّبَ مِنْهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ثَوْبَ حَرِيرٍ وَالْأَصْلُ الْحِلُّ، وَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنْ الْحَرِيرِ» . فَأَمَّا الْعَلَمُ وَسَدَى الثَّوْبِ فَلَا بَأْسَ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>