وَفِي قَوْلٍ لَا تُشْتَرَطُ الْأَذْكَارُ.
وَيُشْتَرَطُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ لَا الْجَمَاعَةِ، وَيَسْقُطُ فَرْضُهَا بِوَاحِدٍ، وَقِيلَ يَجِبُ اثْنَانِ، وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ،
ــ
[مغني المحتاج]
فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ كَمَا يَأْتِي فِي الرَّكَعَاتِ بِالْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهَا (وَفِي قَوْلٍ لَا تُشْتَرَطُ الْأَذْكَارُ) بَلْ يَأْتِي بِبَاقِي التَّكْبِيرَاتِ نَسَقًا؛ لِأَنَّ الْجِنَازَةَ تُرْفَعُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، فَلَيْسَ الْوَقْتُ وَقْتَ تَطْوِيلٍ.
قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا رُفِعَتْ الْجِنَازَةُ فَإِنْ اتَّفَقَ، بَقَاؤُهَا لِسَبَبٍ مَا أَوْ كَانَتْ عَلَى غَائِبٍ فَلَا وَجْهَ لِلْخِلَافِ بَلْ يَأْتِي بِالْأَذْكَارِ قَطْعًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَأَنَّهُ مِنْ تَفَقُّهِهِ، وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يُفْهِمُ عَدَمَ الْفَرْقِ اهـ.
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسَنُّ إبْقَاءُ الْجِنَازَةِ حَتَّى يُتِمَّ الْمُقْتَدُونَ صَلَاتَهُمْ، فَلَوْ رُفِعَتْ قَبْلَهُ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ، إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ فِي سَرِيرٍ وَحَمَلَهُ إنْسَانٌ وَمَشَى بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ وَهُوَ يُصَلِّي فِي سَفِينَةٍ سَائِرَةٍ، وَلَوْ أَحْرَمَ عَلَى جِنَازَةٍ يَمْشِي بِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ فَأَقَلُّ وَهُوَ مُحَاذٍ لَهَا كَالْمَأْمُومِ مَعَ الْإِمَامِ جَازَ وَإِنْ بَعُدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ.
(وَيُشْتَرَطُ) فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ (شُرُوطُ) غَيْرِهَا مِنْ (الصَّلَاةِ) كَسَتْرٍ وَطَهَارَةٍ وَاسْتِقْبَالٍ لِتَسْمِيَتِهَا صَلَاةً، فَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَلَهَا شُرُوطٌ أُخَرُ تَأْتِي كَتَقَدُّمِ غُسْلِ الْمَيِّتِ (لَا الْجَمَاعَةِ) فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهَا كَالْمَكْتُوبَةِ بَلْ تُسَنُّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ شَيْئًا إلَّا شَفَّعَهُمْ اللَّهُ فِيهِ» وَإِنَّمَا صَلَّتْ الصَّحَابَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فُرَادَى كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ لِعِظَمِ أَمْرِهِ وَتَنَافُسِهِمْ فِي أَنْ لَا يَتَوَلَّى الْإِمَامَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَعَيَّنَ إمَامٌ يَؤُمُّ الْقَوْمَ، فَلَوْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ فِي الصَّلَاةِ لَصَارَ مُقَدَّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَتَعَيَّنَ لِلْخِلَافَةِ، وَمَعْنَى صَلَّوْا فُرَادَى. قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: أَيْ جَمَاعَاتٍ بَعْدَ جَمَاعَاتٍ.
فَائِدَةٌ قِيلَ حُصِرَ الْمُصَلُّونَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ سِتُّونَ أَلْفًا؛ لِأَنَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مَلَكَيْنِ، وَمَا وَقَعَ فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ عَنْ عِشْرِينَ أَلْفًا مِنْ الصَّحَابَةِ لَمْ يَحْفَظْ الْقُرْآنَ مِنْهُمْ إلَّا سِتَّةٌ اُخْتُلِفَ فِي اثْنَيْنِ مِنْهُمْ. قَالَ الدَّمِيرِيُّ: لَعَلَّهُ أَرَادَ عِشْرِينَ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ رَوَى أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيّ أَنَّهُ مَاتَ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا كُلُّهُمْ لَهُ صُحْبَةٌ، وَرَوَى عَنْهُ وَسَمِعَ مِنْهُ (وَيَسْقُطُ فَرْضُهَا بِوَاحِدٍ) لِحُصُولِ الْفَرْضِ بِصَلَاتِهِ وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تُشْتَرَطُ فِيهَا كَمَا مَرَّ، فَكَذَا الْعَدَدُ كَغَيْرِهَا (وَقِيلَ يَجِبُ) لِسُقُوطِ فَرْضِهَا (اثْنَانِ) أَيْ فِعْلُهُمَا؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ اثْنَانِ (وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ) لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ «صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، وَهَذَا مَنْصُوص عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَصَحَّحَهُ آخَرُونَ (وَقِيلَ) يَجِبُ (أَرْبَعَةٌ) قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ بِنَاءً عَلَى مُعْتَقَدِهِ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النُّقْصَانُ فِيهِ عَنْ أَرْبَعَةٍ؛ لِأَنَّ فِي أَقَلَّ مِنْهَا ازْدِرَاءً بِالْمَيِّتِ فَالصَّلَاةُ أَوْلَى، وَالْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ قَوْلَانِ، وَالثَّانِي وَالرَّابِعُ وَجْهَانِ. وَالصِّبْيَانُ الْمُمَيِّزُونَ كَالْبَالِغِينَ عَلَى اخْتِلَافِ الْوُجُوهِ، وَفَارِقُ ذَلِكَ عَدَمُ سُقُوطِ الْفَرْضِ بِالصَّبِيِّ فِي رَدِّ السَّلَامِ بِأَنَّ السَّلَامَ شُرِعَ فِي الْأَصْلِ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute