وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الدَّفْنِ، وَتَصِحُّ بَعْدَهُ، وَالْأَصَحُّ تَخْصِيصُ الصِّحَّةِ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ الْمَوْتِ،
ــ
[مغني المحتاج]
الْأَذْرَعِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فِي الْمَحْبُوسِ، وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَ السُّورِ قَرِيبًا مِنْهُ فَهُوَ كَدَاخِلِهِ. نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي وَأَقَرَّهُ: أَيْ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَقَابِرَ تُجْعَلُ خَارِجَ السُّورِ، وَلَوْ صَلَّى عَلَى الْأَمْوَاتِ الَّذِينَ مَاتُوا فِي يَوْمِهِ أَوْ سَنَتِهِ وَغُسِّلُوا فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُمْ جَازَ، بَلْ يُسَنُّ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزَةٌ وَتَعْيِينَهُمْ غَيْرُ شَرْطٍ (وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (عَلَى الدَّفْنِ) وَتَأْخِيرُهَا عَنْ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، فَإِنْ دُفِنَ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ أَثِمَ كُلُّ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ فَرْضُ الصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُذْرٌ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْقَبْرِ وَلَا يُنْبَشُ لِذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (وَتَصِحُّ بَعْدَهُ) أَيْ الدَّفْنِ لِلِاتِّبَاعِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُتَقَدَّمَ عَلَى الْقَبْرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَيَسْقُطُ الْفَرْضُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِلَى مَتَى يُصَلَّى عَلَيْهِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَحَدُهَا أَبَدًا، فَعَلَى هَذَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى قُبُورِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ إلَى الْيَوْمِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَقَدْ اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى تَضْعِيفِ هَذَا الْوَجْهِ. ثَانِيهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ دُونَ مَا بَعْدَهَا، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. ثَالِثُهَا: إلَى شَهْرٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ. رَابِعُهَا مَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْقَبْرِ فَإِنْ انْمَحَقَتْ أَجْزَاؤُهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ شُكَّ فِي الِانْمِحَاقِ فَالْأَصْلُ الْبَقَاءُ. خَامِسُهَا: يَخْتَصُّ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ يَوْمَ مَوْتِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فَيَدْخُلُ الْمُمَيِّزُ عَلَى هَذَا دُونَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ (وَالْأَصَحُّ تَخْصِيصُ الصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ (بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ الْمَوْتِ) دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي فَرْضًا خُوطِبَ بِهِ.
وَأَمَّا غَيْرُهُ فَمُتَطَوِّعٌ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ لَا يُتَطَوَّعُ بِهَا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِصُورَتِهَا مِنْ غَيْرِ جِنَازَةٍ بِخِلَافِ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَأْتِي بِصُورَتِهَا ابْتِدَاءً بِلَا سَبَبٍ. ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ مَا قَالُوهُ يُنْقَضُ بِصَلَاةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فَإِنَّهَا لَهُنَّ نَافِلَةٌ وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا تُفْعَلُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى: أَيْ مَنْ صَلَّاهَا لَا يُعِيدُهَا: أَيْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا وَقَعَتْ لَهُ نَافِلَةً، وَكَأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ الصَّلَاةَ إذَا لَمْ تَكُنْ مَطْلُوبَةً لَا تَنْعَقِدُ.
أَمَّا لَوْ صَلَّى عَلَيْهَا مَنْ لَمْ يُصَلِّ أَوَّلًا فَإِنَّهَا تَقَعُ لَهُ فَرْضًا، وَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اعْتِبَارِ أَهْلِيَّةِ الْفَرْضِ. قَالَ فِي الْعَزِيزِ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ. قَالَ الْقَاضِي: وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ مَنْعُ الْكَافِرِ وَالْحَائِضِ يَوْمَئِذٍ، وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute