وَحِلْيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ: كَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ وَالْمِنْطَقَةِ، لَا مَا لَا يَلْبَسُهُ كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ فِي الْأَصَحِّ.
وَلَهَا لُبْسُ أَنْوَاعِ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ،
ــ
[مغني المحتاج]
اتِّخَاذًا وَلُبْسًا، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمُحَرَّرِ فَإِنَّهُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ، وَيَجُوزُ التَّخَتُّمُ بِالْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَلَوْ اتَّخَذَ الرَّجُلُ خَوَاتِيمَ كَثِيرَةً لِيَلْبَسَ الْوَاحِدَ مِنْهَا عُدَّ الْوَاحِدُ جَازَ، فَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ فِي الِاتِّخَاذِ دُونَ اللُّبْسِ، وَفِيهِ خِلَافٌ مُنْتَشِرٌ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ فِيهِ مَا أَفَادَهُ شَيْخِي مِنْ أَنَّهُ جَائِزٌ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى سَرَفٍ، وَلَوْ تَخَتَّمَ الرَّجُلُ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ فَفِي حِلِّهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا <m s =١> فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْحِلُّ مَعَ كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ.
(وَ) يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ الْفِضَّةِ (حِلْيَةُ آلَاتِ الْحَرْبِ كَالسَّيْفِ) وَأَطْرَافِ السِّهَامِ وَالدِّرْعِ وَالْخُوذَةِ (وَالرُّمْحِ وَالْمِنْطَقَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ: مَا يُشَدُّ بِهَا الْوَسَطُ وَالتُّرْسِ وَالْخُفِّ وَسِكِّينِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إرْهَابًا لِلْكُفَّارِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ قَبِيعَةَ سَيْفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ مِنْ فِضَّةٍ، وَأَنَّ نَعْلَ سَيْفِهِ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ، وَالْقَبِيعَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ: هِيَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى رَأْسِ قَائِمِ السَّيْفِ، وَنَعْلُ السَّيْفِ مَا يَكُونُ فِي أَسْفَلَ غِمْدِهِ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ فِضَّةٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، لَكِنْ خَالَفَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فَضَعَّفَهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِجَزْمِ الْأَصْحَابِ بِتَحْرِيمِ تَحْلِيَةِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ، وَأَمَّا سِكِّينُ الْمِهْنَةِ أَوْ الْمَقْلَمَةُ فَيَحْرُمُ تَحْلِيَتُهَا عَلَى الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا تَحْلِيَةِ الْمِرْآةِ وَالدَّوَاةِ (لَا مَا لَا يَلْبَسُهُ كَالسَّرْجِ وَاللِّجَامِ) وَنَحْوِهِمَا مِمَّا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى الْفَرَسِ كَالرِّكَابِ وَالْقِلَادَةِ وَالثَّغْرِ وَبَرَّةِ النَّاقَةِ وَأَطْرَافِ السُّيُورِ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَلْبُوسٍ لِلرَّاكِبِ، فَهُوَ كَالْأَوَانِي، وَكَذَا يَحْرُمُ تَحْلِيَةُ الْمِقْرَاضِ وَنَحْوِهِ لِمَا ذُكِرَ، وَالثَّانِي يَجُوزُ كَالسَّيْفِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. قَالَ فِي الذَّخَائِرِ: وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ لِجَامِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَسَرْجِهِمَا وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُعَدَّانِ لِلْحَرْبِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ تَحْلِيَةُ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا بِالذَّهَبِ جَزْمًا لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْخُيَلَاءِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُقَاتِلِ، أَمَّا غَيْرُهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ جَزْمًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي تَحْلِيَةِ آلَةِ الْحَرْبِ بَيْنَ الْمُجَاهِدِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُجَاهِدَ.
(وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ حِلْيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ) بِذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ، وَإِنْ جَازَ لَهُنَّ الْمُحَارَبَةُ بِآلَتِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ وَهُوَ حَرَامٌ كَعَكْسِهِ، لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ وَالْمُتَشَبِّهَات مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ» وَاللَّعْنُ لَا يَكُونُ عَلَى مَكْرُوهٍ، وَلَيْسَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ: وَلَا أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسَ اللُّؤْلُؤِ إلَّا لِلْأَدَبِ، وَأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ لَا لِلتَّحْرِيمِ مُخَالِفًا لِهَذَا؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ زِيِّ النِّسَاءِ لَا أَنَّهُ زِيُّ لُبْسٍ يَخْتَصُّ بِهِنَّ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا جَازَ لِلنِّسَاءِ الْمُحَارَبَةُ بِآلَتِهَا غَيْرِ مُحَلَّاةٍ جَازَ مَعَ التَّحْلِيَةِ؛ لِأَنَّ التَّحَلِّيَ أَجْوَزُ لَهُنَّ مِنْ الرِّجَالِ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ لَهُنَّ لُبْسُ آلَةِ الْحَرْبِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّحْلِيَةِ، وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ الْخُنْثَى احْتِيَاطًا.
(وَلَهَا لُبْسُ أَنْوَاعِ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) بِالْإِجْمَاعِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ كَالسِّوَارِ، وَالطَّوْقِ وَالْخَاتَمِ، وَالْحَلَقِ فِي الْآذَانِ وَالْأَصَابِعِ، وَالتَّاجِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَوَّدْنَهُ كَمَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ اللِّبَاسِ وَالنَّعْلِ، وَلَوْ تَقَلَّدَتْ الْمَرْأَةُ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْمَثْقُوبَةَ بِأَنْ جَعَلَتْهَا فِي قِلَادَتِهَا زُكِّيَتْ بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِهَا وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute