للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا مَا نُسِجَ بِهِمَا فِي الْأَصَحِّ، وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ الْمُبَالَغَةِ فِي السَّرَفِ كَخَلْخَالٍ وَزْنُهُ مِائَتَا دِينَارٍ.

وَكَذَا إسْرَافُهُ فِي آلَةِ الْحَرْبِ.

وَجَوَازُ تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِفِضَّةٍ، وَكَذَا لِلْمَرْأَةِ بِذَهَبٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَإِنْ خَالَفَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ اللِّبَاسِ فَقَدْ وَافَقَهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَيُحْمَلُ مَا فِي بَابِ اللِّبَاسِ عَلَى الْمُعَرَّاةِ وَهِيَ الَّتِي جُعِلَ لَهَا عُرًا وَجُعِلَتْ فِي الْقِلَادَةِ فَإِنَّهَا لَا زَكَاةَ فِيهَا (وَكَذَا مَا نُسِجَ بِهِمَا) مِنْ الثِّيَابِ لَهَا لُبْسُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ الْحُلِيِّ، وَالثَّانِي: لَا، لِزِيَادَةِ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ.

(وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ الْمُبَالَغَةِ فِي السَّرَفِ) فِي كُلِّ مَا أَبَحْنَاهُ (كَخَلْخَالٍ) لِلْمَرْأَةِ (وَزْنُهُ مِائَتَا دِينَارٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُبَاحَ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ وَلَا زِينَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، بَلْ تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ لِاسْتِبْشَاعِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ إبَاحَةُ مَا تَتَّخِذُهُ النِّسَاءُ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ الْعَصَائِبِ الذَّهَبِ وَإِنْ كَثُرَ ذَهَبُهَا؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَنْفِرُ مِنْهُ وَلَا تَسْتَبْشِعُ، بَلْ هُوَ فِي غَايَةِ الزِّينَةِ، وَالثَّانِي: لَا يَحْرُمُ كَمَا لَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُ أَسَاوِرَ وَخَلَاخِلَ لِتَلْبَسَ الْوَاحِدَ مِنْهَا بَعْدَ الْوَاحِدِ، وَيَأْتِي فِي لُبْسِ ذَلِكَ مَعًا مَا مَرَّ فِي لُبْسِ الْخَوَاتِيمِ لِلرَّجُلِ، وَخَرَجَ بِتَقْيِيدِهِ السَّرَفَ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ بِالْمُبَالَغَةِ مَا إذَا أَسْرَفَتْ وَلَمْ تُبَالِغْ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ، لَكِنَّهُ يُكْرَهُ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْعِمَادِ، وَفَارَقَ مَا سَيَأْتِي فِي آلَةِ الْحَرْبِ حَيْثُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ عَدَمُ الْمُبَالَغَةِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حِلُّهُمَا لِلْمَرْأَةِ بِخِلَافِهِمَا لِغَيْرِهَا فَاغْتُفِرَ لَهَا قَلِيلُ السَّرَفِ.

(وَكَذَا) يَحْرُمُ (إسْرَافُهُ) أَيْ الرَّجُلِ (فِي آلَةِ الْحَرْبِ) فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ فِيهِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ وَلَوْ اتَّخَذَ آلَاتٍ كَثِيرَةً لِلْحَرْبِ مُحَلَّاةً جَازَ كَمَا مَرَّ فِي اتِّخَاذِ الْخَوَاتِيمِ لِلرَّجُلِ.

فَائِدَةٌ: السَّرَفُ: مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَيُقَالُ فِي النَّفَقَةِ التَّبْذِيرُ وَهُوَ الْإِنْفَاقُ فِي غَيْرِ حَقٍّ فَالْمُسْرِفُ الْمُنْفِقُ فِي مَعْصِيَةٍ وَإِنْ قَلَّ إنْفَاقُهُ، وَغَيْرُهُ الْمُنْفِقُ فِي الطَّاعَةِ وَإِنْ أَفْرَطَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ فِي الْحَلَالِ إسْرَافٌ، وَإِنَّمَا السَّرَفُ فِي ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي. قَالَ الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ: لَا سَرَفَ فِي الْخَيْرِ كَمَا لَا خَيْرَ فِي السَّرَفِ.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: الْحَلَالُ لَا يَحْتَمِلُ السَّرَفَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ مَا نَفَقَتُكَ. قَالَ الْحَسَنَةُ بَيْنَ السَّيِّئَتَيْنِ ثُمَّ تَلَا قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: ٦٧] الْآيَةَ.

(وَ) الْأَصَحُّ (جَوَازُ تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ بِفِضَّةٍ) لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إكْرَامًا لَهُ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ كَالْأَوَانِي، وَالْخِلَافُ قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ، وَقِيلَ وَجْهَانِ كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ (وَكَذَا) يَجُوزُ (لِلْمَرْأَةِ) فَقَطْ (بِذَهَبٍ) لِعُمُومِ «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي» وَالثَّانِي: يَجُوزُ لَهُمَا إكْرَامًا. وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ لَهُمَا، وَالطِّفْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَالْمَرْأَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْمُصْحَفِ فِي ذَلِكَ اللَّوْحُ الْمُعَدُّ لِكِتَابَةِ الْقُرْآنِ.

وَيَحِلُّ تَحْلِيَةُ غِلَافِ الْمُصْحَفِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ بِالْفِضَّةِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَأَمَّا بِالذَّهَبِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَحَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِلْمَرْأَةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حِلْيَةً لِلْمُصْحَفِ. .

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَمَنْ كَتَبَ الْمُصْحَفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>