للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا رَقِيقٍ، وَفِي الْمُكَاتَبِ وَجْهٌ، وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَلْزَمُهُ قِسْطُهُ.

وَلَا مُعْسِرٍ فَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ شَيْءٌ فَمُعْسِرٌ،

وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[مغني المحتاج]

يَعْطِفُ الْقَرِيبَ بِأَوْ.

(وَلَا) فِطْرَةَ عَلَى (رَقِيقٍ) لَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ. أَمَّا غَيْرُ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً صَحِيحَةً فَلِعَدَمِ مِلْكِهِ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ الْمَذْكُورُ فَلِضَعْفِ مِلْكِهِ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَالِهِ، وَلَا نَفَقَةُ قَرِيبِهِ، وَلَا فِطْرَةَ عَلَى سَيِّدِهِ عَنْهُ؛ لِاسْتِقْلَالِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً، فَإِنَّ فِطْرَتَهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ (وَفِي الْمُكَاتَبِ) كِتَابَةً صَحِيحَةً (وَجْهٌ) أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ وَفِطْرَةُ زَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ فِي كَسْبِهِ كَنَفَقَتِهِمْ. أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَتَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ جَزْمًا (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَلْزَمُهُ) مِنْ الْفِطْرَةِ (قِسْطُهُ) أَيْ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَبَاقِيهَا عَلَى مَالِكِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْفِطْرَةَ تَتْبَعُ النَّفَقَةَ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ. هَذَا حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ بَعْضِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مُهَايَأَةٌ اخْتَصَّتْ الْفِطْرَةُ بِمَنْ وَقَعَتْ فِي نَوْبَتِهِ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ.

(وَلَا) فِطْرَةَ عَلَى (مُعْسِرٍ) وَقْتَ الْوُجُوبِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ لَحْظَةٍ. لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ إذَا أَيْسَرَ قَبْلَ فَوَاتِ يَوْمِ الْعِيدِ الْإِخْرَاجُ. ثُمَّ حَدَّهُ بِقَوْلِهِ (فَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ) بِضَمِّ الضَّادِ وَفَتْحِهَا (عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ) أَيْ الَّذِي (فِي نَفَقَتِهِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ شَيْءٌ) يُخْرِجُهُ عَنْ فِطْرَتِهِ (فَمُعْسِرٌ) وَمَنْ فَضَلَ عَنْهُ مَا يُخْرِجُهُ فَمُوسِرٌ؛ لِأَنَّ الْقُوتَ لَا بُدَّ مِنْهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَسْبِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الْإِعْسَارِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُؤَدَّى فَاضِلًا عَنْ رَأْسِ مَالِهِ وَضَيْعَتِهِ وَإِنْ تَمَكَّنَ بِدُونِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيُفَارِقُ الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ بِالْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ أَوْجَبُوا الْكَسْبَ لِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ عَلَى الْبَعْضِ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَجِبُ الِاكْتِسَابُ لِنَفْسِهِ لِإِحْيَائِهَا، فَكَذَلِكَ يَجِبُ لِإِحْيَاءِ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ.

تَنْبِيهٌ لَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِاَلَّذِي كَمَا قَدَّرْتُهُ كَانَ أَوْلَى مِنْ " مَنْ " إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْآدَمِيِّ وَالْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّ " مَنْ " لِمَنْ يَعْقِلُ. نَعَمْ يُؤْتَى بِهَا لِاخْتِلَاطِ مَنْ يَعْقِلُ بِغَيْرِهِ فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ التَّعْبِيرُ بِمَنْ.

(وَيُشْتَرَطُ) فِيمَا يُؤَدِّيهِ فِي الْفِطْرَةِ (كَوْنُهُ فَاضِلًا) أَيْضًا ابْتِدَاءً (عَنْ) مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ (مَسْكَنٍ) يَحْتَاجُ إلَيْهِ (وَخَادِمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ التَّطْهِيرِ، وَالثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَهَا بَدَلٌ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ، وَالْمُرَادُ بِحَاجَةِ الْخَادِمِ أَنْ يَحْتَاجَهُ لِخِدْمَتِهِ أَوْ خِدْمَةِ مَمُونِهِ. أَمَّا حَاجَتُهُ لِعَمَلِهِ فِي أَرْضِهِ أَوْ مَاشِيَتِهِ فَلَا أَثَرَ لَهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَخَرَجَ بِاللَّائِقِ بِهِ مَا لَوْ كَانَا نَفِيسَيْنِ يُمْكِنُ إبْدَالُهُمَا بِلَائِقٍ بِهِ، وَيَخْرُجُ التَّفَاوُتُ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ، وَبِالِابْتِدَاءِ مَا لَوْ ثَبَتَتْ الْفِطْرَةُ فِي ذِمَّةِ إنْسَانٍ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِيهَا مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ الْتَحَقَتْ بِالدُّيُونِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْ دَسْتِ ثَوْبٍ يَلِيقُ بِهِ وَبِمَمُونِهِ كَمَا أَنَّهُ يَبْقَى لَهُ فِي الدُّيُونِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْ دَيْنِهِ وَلَوْ لِآدَمِيٍّ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ كَالرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَجَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَاقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>