وَمَنْ لَزِمَهُ فِطْرَتُهُ لَزِمَهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ فِطْرَةُ الْعَبْدِ وَالْقَرِيبِ وَالزَّوْجَةِ الْكُفَّارِ.
وَلَا الْعَبْدَ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ، وَلَا الِابْنَ فِطْرَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ، وَفِي الِابْنِ وَجْهٌ.
وَلَوْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ أَوْ
ــ
[مغني المحتاج]
وَالْأَصْحَابِ: لَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ هَلَّ شَوَّالٌ فَالْفِطْرَةُ فِي مَالِهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدُّيُونِ، وَبِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ، وَبِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ فَلَا يَمْنَعُ إيجَابَ الْفِطْرَةِ، وَمَا فَرَّقَ بِهِ مِنْ أَنَّ زَكَاةَ الْمَالِ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِهِ، وَالنَّفَقَةُ ضَرُورِيَّةٌ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ فِيهِمَا لَا يُجْدِي، وَالْمُعْتَمَدُ مَا تَقَرَّرَ وَإِنْ رَجَّحَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ خِلَافَهُ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ.
(وَمَنْ لَزِمَهُ فِطْرَتُهُ) أَيْ فِطْرَةُ نَفْسِهِ (لَزِمَهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) بِمِلْكٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ أَيْ إذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ وَوَجَدَ مَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ؛ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ صَدَقَةٌ إلَّا صَدَقَةَ الْفِطْرِ» وَالْبَاقِي بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ، وَالْجَامِعُ وُجُوبُ النَّفَقَةِ، وَدَخَلَ فِي عِبَارَتِهِ مَا لَوْ أَخْدَمَ زَوْجَتَهُ الَّتِي تَخْدِمُ عَادَةً أُمَّهَا لَا أَجْنَبِيَّةً وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهَا كَنَفَقَتِهَا بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ الْمُؤَجَّرَةِ لِخِدْمَتِهَا كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا، وَكَذَا الَّتِي صَحِبَتْهَا لِتَخْدُمَهَا بِنَفَقَتِهَا بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُؤَجَّرَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي النَّفَقَاتِ تَجِبُ فِطْرَتُهَا. أَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ كَزَوْجَتِهِ النَّاشِزَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ إلَّا الْمُكَاتَبَ كِتَابَةً فَاسِدَةً فَتَجِبُ فِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ، وَإِلَّا الزَّوْجَةَ الْمُحَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا فَتَجِبُ فِطْرَتُهَا عَلَيْهِ دُونَ نَفَقَتِهَا، وَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا بِإِخْرَاجِ فِطْرَتِهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا فَلِلزَّوْجَةِ أَنْ تَقْتَرِضَ عَلَيْهِ لِنَفَقَتِهَا لَا لِفِطْرَتِهَا؛ لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِانْقِطَاعِ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ؛ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِإِخْرَاجِهَا، وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْأَبِ الزَّمِنِ وَمُرَادُهُ الْعَاجِزُ (لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ فِطْرَةُ الْعَبْدِ) أَوْلَى مِنْهُ الرَّقِيقُ (وَالْقَرِيبِ وَالزَّوْجَةِ الْكُفَّارِ) وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ " مِنْ الْمُسْلِمِينَ ".
(وَلَا الْعَبْدَ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا وَإِنْ أَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا فِي كَسْبِهِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِفِطْرَةِ نَفْسِهِ، فَكَيْفَ يَتَحَمَّلُ عَنْ غَيْرِهِ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُبَعَّضِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمِقْدَارُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ (وَلَا الِابْنُ فِطْرَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ) وَمُسْتَوْلَدَتِهِ وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُمَا عَلَى الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَازِمَةٌ لِلْأَبِ مَعَ إعْسَارِهِ فَيَتَحَمَّلُهَا الْوَلَدُ بِخِلَافِ الْفِطْرَةِ؛ وَلِأَنَّ عَدَمَ الْفِطْرَةِ لَا يُمَكِّنُ الزَّوْجَةَ مِنْ الْفَسْخِ، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ (وَفِي الِابْنِ وَجْهٌ) أَنْ يَلْزَمَهُ فِطْرَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ كَنَفَقَتِهَا، وَاسْتَثْنَى أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ مَسَائِلَ: مِنْهَا الْفَقِيرُ الْعَاجِزُ عَنْ الْكَسْبِ يَلْزَمُ الْمُسْلِمِينَ نَفَقَتُهُ دُونَ فِطْرَتِهِ، وَمِنْهَا عَبْدُ بَيْتِ الْمَالِ تَجِبُ نَفَقَتُهُ دُونَ فِطْرَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمِنْهَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ لَوْ أَجَرَ عَبْدَهُ وَشَرَطَ نَفَقَتَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّ الْفِطْرَةَ عَلَى سَيِّدِهِ، وَمِنْهَا عَبْدُ الْمَالِكِ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ إذَا شَرَطَ عَمَلَهُ مَعَ الْعَامِلِ فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ وَفِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ حَجَّ بِالنَّفَقَةِ، وَمِنْهَا عَبْدُ الْمَسْجِدِ فَلَا تَجِبُ فِطْرَتُهُمَا وَإِنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُمَا، سَوَاءٌ أَكَانَ عَبْدُ الْمَسْجِدِ مِلْكًا لَهُ أَمْ وَقْفًا عَلَيْهِ، وَمِنْهَا الْمَوْقُوفُ عَلَى جِهَةٍ أَوْ مُعَيَّنٍ كَرَجُلٍ وَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ.
(وَلَوْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ) وَقْتَ الْوُجُوبِ (أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute