الْقَدِيمِ وَفِي الْجَدِيدِ إنْ كَانَ حَالًّا وَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ لِإِعْسَارٍ وَغَيْرِهِ فَكَمَغْصُوبٍ، وَإِنْ تَيَسَّرَ وَجَبَتْ تَزْكِيَتُهُ فِي الْحَالِّ، أَوْ مُؤَجَّلًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَمَغْصُوبٍ، وَقِيلَ يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهَا فِي أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ، وَالثَّالِثُ: يَمْنَعُ فِي الْمَالِ الْبَاطِنِ، وَهُوَ النَّقْدُ وَالْعَرْضُ
ــ
[مغني المحتاج]
الْقَدِيمِ) إذْ لَا مِلْكَ فِيهِ حَقِيقَةً، فَأَشْبَهَ دَيْنَ الْمُكَاتَبِ (وَفِي الْجَدِيدِ إنْ كَانَ حَالًّا وَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ لِإِعْسَارٍ وَغَيْرِهِ) كَمَطْلٍ أَوْ غَيْبَةِ مَلِيءٍ وَجُحُودٍ (فَكَمَغْصُوبٍ) فَتَجِبُ فِيهِ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا حَتَّى يَحْصُلَ وَلَوْ كَانَ مُقِرًّا لَهُ فِي الْبَاطِنِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ دُونَ الْإِخْرَاجِ قَطْعًا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ.
(وَإِنْ تَيَسَّرَ) أَخْذُهُ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ مُقِرٍّ حَاضِرٍ بَاذِلٍ أَوْ جَاحِدٍ وَبِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ يَعْلَمُهُ الْقَاضِي، وَقُلْنَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ (وَجَبَتْ تَزْكِيَتُهُ فِي الْحَالِّ) ؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَى قَبْضِهِ فَهُوَ كَالْمُودَعِ، وَكَلَامُهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ يُخْرِجُ فِي الْحَالِّ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمَنْصُوصُ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَقِيلَ: لَا حَتَّى يَقْبِضَهُ فَيُزَكِّيَهُ لِمَا مَضَى، وَلَوْ أَمْكَنَهُ الظَّفَرُ بِأَخْذِ دَيْنِهِ مِنْ مَالِ الْجَاحِدِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا ضَرَرٍ لَمْ يَجِبْ الْإِخْرَاجُ فِي الْحَالِّ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ كَجٍّ وَالدَّارِمِيِّ تَزْكِيَتَهُ فِي الْحَالِّ (أَوْ مُؤَجَّلًا، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَمَغْصُوبٍ) فَفِيهِ الْقَوْلَانِ، وَقِيلَ تَجِبُ الزَّكَاةُ قَطْعًا، وَقِيلَ عَكْسُهُ (وَقِيلَ يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ) كَالْغَائِبِ الَّذِي يَسْهُلُ إحْضَارُهُ. تَنْبِيهٌ لَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ حُلُولِهِ لَكَانَ أَوْلَى، فَإِنَّ هَذَا الْوَجْهَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مَلِيءٍ وَلَا مَانِعَ سِوَى الْأَجَلِ، وَحِينَئِذٍ مَتَى حَلَّ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ، قَبَضَ أَمْ لَا.
فَائِدَةٌ: قَالَ السُّبْكِيُّ: إذَا أَوْجَبْنَا الزَّكَاةَ فِي الدَّيْنِ وَقُلْنَا: تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ تَعَلُّقَ شَرِكَةٍ اقْتَضَى أَنْ يَمْلِكَ أَرْبَابُ الْأَصْنَافِ رُبُعَ عُشْرِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ، وَذَلِكَ يَجُرُّ إلَى أُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَاقِعٍ فِيهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، كَالدَّعْوَى بِالصَّدَاقِ وَالدُّيُونِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ غَيْرُ مَالِكٍ لِلْجَمِيعِ فَكَيْفَ يَدَّعِي بِهِ إلَّا أَنَّ لَهُ الْقَبْضَ لِأَجْلِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ فَيَحْتَاجُ إلَى الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ فِي الدَّعْوَى، وَإِذَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْمُسْقِطِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ أَنَّ ذَلِكَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى حِينِ حَلِفِهِ لَمْ يَسْقُطْ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ حِينَ حَلِفِهِ وَلَا يَقُولُ إنَّهُ بَاقٍ لَهُ اهـ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا: مَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الْإِبْرَاءِ مِنْ صَدَاقِهَا وَقَدْ مَضَى عَلَى ذَلِكَ أَحْوَالٌ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْإِبْرَاءَ مِنْ جَمِيعِهِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ فَتَفَطَّنْ لَهَا فَإِنَّهَا كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ (وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهَا) سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَمْ لَا، مِنْ جِنْسِ الْمَالِ أَمْ لَا، لِلَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ أَمْ لَا (فِي أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ) لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلزَّكَاةِ؛ وَلِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلنِّصَابِ نَافِذُ التَّصَرُّفِ فِيهِ.
وَالثَّانِي: يَمْنَعُ كَمَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ.
(وَالثَّالِثُ: يَمْنَعُ فِي الْمَالِ الْبَاطِنِ، وَهُوَ النَّقْدُ) وَلَوْ عَبَّرَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِيَشْمَلَ غَيْرَ الْمَضْرُوبِ كَانَ أَوْلَى،، وَالرِّكَازُ (وَالْعَرْضُ) وَلَا يَمْنَعُ فِي الظَّاهِرِ، وَهُوَ الْمَاشِيَةُ وَالزُّرُوعُ وَالثِّمَارُ وَالْمَعْدِنُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الظَّاهِرَ يَنْمُو بِنَفْسِهِ وَالْبَاطِنَ إنَّمَا يَنْمُو بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ، وَالدَّيْنُ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيَحُوجُ إلَى صَرْفِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute