فَعَلَى الْأَوَّلِ حُجِرَ عَلَيْهِ لِدَيْنٍ فَحَالَ الْحَوْلُ فِي الْحَجْرِ فَكَمَغْصُوبٍ.
وَلَوْ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ وَدَيْنُ آدَمِيٍّ فِي تَرِكَةٍ قُدِّمَتْ، وَفِي قَوْلٍ الدَّيْنُ، وَفِي قَوْلٍ يَسْتَوِيَانِ.
ــ
[مغني المحتاج]
فِي قَضَائِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَأَهْمَلَ الْمُصَنِّفُ زَكَاةَ الْفِطْرِ، وَهِيَ مِنْ الْبَاطِنِ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَإِنْ كَانَتْ مُلْحَقَةً بِالْبَاطِنِ لَكِنْ لَا مَدْخَلَ لَهَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَمْوَالِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَزِدْ الْمَالُ عَلَى الدَّيْنِ، فَإِنْ زَادَ وَكَانَ الزَّائِدُ نِصَابًا وَجَبَتْ زَكَاتُهُ قَطْعًا، وَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ مَا يَقْضِي بِهِ الدَّيْنَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَمْنَعْ قَطْعًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهَلْ يَلْتَحِقُ دَيْنُ الضَّمَانِ بِالْإِذْنِ بِبَاقِي الدُّيُونِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِوَالِدِ الرُّويَانِيِّ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْأَدَاءِ، وَيَنْبَغِي إلْحَاقُهُ بِهَا (فَعَلَى الْأَوَّلِ) الَّذِي هُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ (لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِدَيْنٍ فَحَالَ الْحَوْلُ فِي الْحَجْرِ فَكَمَغْصُوبٍ) ؛ لِأَنَّهُ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ مَانِعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ. نَعَمْ إنْ عَيَّنَ الْقَاضِي لِكُلِّ غَرِيمٍ مِنْ غُرَمَائِهِ شَيْئًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ التَّقْسِيطُ وَمَكَّنَهُ مِنْ الْأَخْذِ فَلَمْ يَتَّفِقَ الْأَخْذُ حَتَّى حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَلَمْ يَأْخُذْهُ، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ، وَلَا عَلَى الْمَالِكِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَكَوْنِهِمْ أَحَقَّ بِهِ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا أَخَذُوهُ بَعْدَ الْحَوْلِ، فَلَوْ تَرَكُوهُ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الزَّكَاةُ لِتَبَيُّنِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ، ثُمَّ عَدَمُ لُزُومِهَا عَلَيْهِ مَحَلُّهُ - كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ - إذَا كَانَ مَالُهُ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِمْ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يُمَكِّنُهُمْ مِنْ أَخْذِهِ بِلَا بَيْعٍ أَوْ تَعْوِيضٍ: قَالَ: وَقَدْ صَوَّرَهَا بِذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي السِّلْسِلَةِ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْحَجْرِ يَقْتَضِيهِ. فَلَوْ فَرَّقَ الْقَاضِي مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ قَطْعًا لِزَوَالِ مِلْكِهِ.
(وَ) عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا (لَوْ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ وَدَيْنُ آدَمِيٍّ فِي تَرِكَةٍ) بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا وَضَاقَتْ التَّرِكَةُ عَنْهَا (قُدِّمَتْ) أَيْ الزَّكَاةُ وَإِنْ كَانَتْ زَكَاةَ فِطْرٍ عَلَى الدَّيْنِ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ قَبْلَ الْمَوْتِ كَالْمَرْهُونِ تَقْدِيمًا لِدَيْنِ اللَّهِ، لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» ؛ وَلِأَنَّ مَصْرِفَهَا أَيْضًا إلَى الْآدَمِيِّينَ، فَقُدِّمَتْ لِاجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ فِيهَا وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي اجْتِمَاعِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا مَعَ الدَّيْنِ، فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْحَجُّ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ وَالْكَفَّارَةُ وَالنَّذْرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ. نَعَمْ الْجِزْيَةُ وَدَيْنُ الْآدَمِيِّ يَسْتَوِيَانِ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّ الْجِزْيَةَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى (وَفِي قَوْلٍ) يُقَدَّمُ (الدَّيْنُ) ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُضَايَقَةِ لِافْتِقَارِهِمْ وَاحْتِيَاجِهِمْ، وَكَمَا يُقَدَّمُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْحُدُودَ مَبْنَاهَا عَلَى الدَّرْءِ (وَفِي قَوْلٍ يَسْتَوِيَانِ) فَيُوَزَّعُ الْمَالُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْمَالِيَّ الْمُضَافَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى يَعُودُ إلَى الْآدَمِيِّينَ أَيْضًا، وَهُمْ الْمُنْتَفِعُونَ بِهِ، وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ مِنْهُمَا وُجُوبًا، وَخَرَجَ بِدَيْنِ الْآدَمِيِّ دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى كَكَفَّارَةٍ. قَالَ السُّبْكِيُّ: فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ النِّصَابُ مَوْجُودًا: أَيْ أَوْ بَعْضُهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَيَسْتَوِيَانِ، وَبِالتَّرِكَةِ مَا لَوْ اجْتَمَعَا عَلَى حَيٍّ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ قُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا، هَذَا إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ فَالزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ وَإِلَّا فَتُقَدَّمُ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَلَوْ مَلَكَ نِصَابًا فَنَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ أَوْ جَعَلَهُ صَدَقَةً أَوْ أُضْحِيَّةً قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute