للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ سَبَقَ مَاءُ الْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ إلَى جَوْفِهِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إنْ بَالَغَ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا.

وَلَوْ بَقِيَ طَعَامٌ بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَجَرَى بِهِ رِيقُهُ لَمْ يُفْطِرْ إنْ عَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ، وَمَجِّهِ.

وَلَوْ أُوجِرَ مُكْرَهًا لَمْ يُفْطِرْ.

وَإِنْ أُكْرِهَ حَتَّى أَكَلَ أَفْطَرَ فِي الْأَظْهَرِ. قُلْتُ: الْأَظْهَرُ لَا يُفْطِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِنْ أَكَلَ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ إلَّا أَنْ يُكْثِرَ فِي الْأَصَحِّ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ لَا يُفْطِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ،

ــ

[مغني المحتاج]

اجْتَمَعَ بِلَا قَصْدٍ كَالْمُجْتَمِعِ بِكَثْرَةِ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ جَزْمًا.

(وَلَوْ سَبَقَ مَاءُ الْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ) الْمَشْرُوعِ (إلَى جَوْفِهِ) مِنْ بَاطِنٍ أَوْ دِمَاغٍ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إنْ بَالَغَ) فِي ذَلِكَ (أَفْطَرَ) ؛ لِأَنَّ الصَّائِمَ مَنْهِيٌّ عَنْ الْمُبَالَغَةِ كَمَا سَبَقَ فِي الْوُضُوءِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ (فَلَا) يُفْطِرُ؛ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَقِيلَ: يُفْطِرُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ بِفِعْلِهِ، وَقِيلَ: لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الِاخْتِيَارِ. أَمَّا سَبْقُ مَاءِ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ: كَأَنْ جَعَلَ الْمَاءَ فِي فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ لَا لِغَرَضٍ أَوْ سَبَقَ مَاءُ غُسْلِ التَّبَرُّدِ أَوْ الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِذَلِكَ، بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الرَّابِعَةِ، وَلَا يُفْطِرُهُ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ إنْشَاءِ صَوْمِ نَفْلٍ سَبَقَ مَاءُ تَطْهِيرِ الْفَمِ مِنْ نَجَاسَةٍ وَإِنْ بَالَغَ فِيهِ.

(وَلَوْ بَقِيَ طَعَامٌ بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَجَرَى بِهِ رِيقُهُ) مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ (لَمْ يُفْطِرْ إنْ عَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيهِ غَيْرُ مُقَصِّرٍ، فَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ أَفْطَرَ لِتَقْصِيرِهِ، وَقِيلَ لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إنْ نَقَّى أَسْنَانَهُ بِالْخِلَالِ عَلَى الْعَادَةِ لَمْ يُفْطِرْ وَإِلَّا أَفْطَرَ. أَمَّا إذَا ابْتَلَعَهُ قَصْدًا فَإِنَّهُ يُفْطِرُ جَزْمًا.

فَائِدَةٌ: مَا خَرَجَ مِنْ الْأَسْنَانِ إنْ أَخْرَجَهُ بِالْخِلَالِ كُرِهَ أَكْلُهُ أَوْ بِالْأَصَابِعِ فَلَا كَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

(وَلَوْ أُوجِرَ) كَأَنْ صُبَّ مَاءٌ فِي، حَلْقِهِ (مُكْرَهًا) أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ نَائِمًا (لَمْ يُفْطِرْ) لِانْتِفَاءِ الْفِعْلِ وَالْقَصْدِ مِنْهُ.

(وَإِنْ أُكْرِهَ حَتَّى أَكَلَ) أَوْ شَرِبَ (أَفْطَرَ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْ فِعْلِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ فَأَفْطَرَ بِهِ كَمَا لَوْ أَكَلَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَالْجُوعِ (قُلْتُ: الْأَظْهَرُ لَا يُفْطِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ حُكْمَ اخْتِيَارِهِ سَاقِطٌ، بِخِلَافِ مَنْ أَكَلَ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْأَكْلِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْإِكْرَاهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَالنَّاسِي لَيْسَ مُخَاطَبًا بِأَمْرٍ وَلَا نَهْيٍ، وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَا لَوْ أُكْرِهَتْ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْوَطْءِ، وَقُلْنَا: يُتَصَوَّرُ إكْرَاهُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَإِذَا قُلْنَا بِالْفِطْرِ عَلَى الْمَرْجُوحِ لَا كَفَّارَةَ لِلشُّبْهَةِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُتَصَوَّرُ الْإِكْرَاهُ أَفْطَرَ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ.

(وَإِنْ أَكَلَ نَاسِيًا لَمْ يُفْطِرْ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» (١) وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ " وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ " (إلَّا أَنْ يُكْثِرَ) فَيُفْطِرَ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ مَعَ الْكَثْرَةِ نَادِرٌ؛ وَلِهَذَا بَطَلَتْ بِكَثِيرِ الْكَلَامِ نَاسِيًا دُونَ قَلِيلِهِ، وَالْكَثِيرُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ: ثَلَاثُ لُقَمٍ (قُلْتُ: الْأَصَحُّ) الْمَنْصُوصُ، وَقَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ (لَا يُفْطِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ الْمَارِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ أَنَّ لَهَا حَالًا

<<  <  ج: ص:  >  >>