للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّالِثُ أَمْنُ الطَّرِيقِ فَلَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ سَبُعًا أَوْ عَدُوًّا أَوْ رَصَدِيًّا وَلَا طَرِيقَ سِوَاهُ لَمْ يَجِبْ الْحَجُّ، وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ رُكُوبِ الْبَحْرِ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ،

ــ

[مغني المحتاج]

فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِمَا فِي الْحَالِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا يُتَّخَذُ ذَخِيرَةً لِلْمُسْتَقْبَلِ. وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ مَا ذُكِرَ لِئَلَّا يَلْتَحِقَ بِالْمَسَاكِينِ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ كَسْبٌ أَوْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فِيهِ بُعْدٌ.

قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: مَنْ اسْتَطَاعَ الْحَجَّ وَلَمْ يَحُجَّ حَتَّى أَفْلَسَ فَعَلَيْهِ الْخُرُوجُ إلَى الْحَجِّ، وَإِنْ عَجَزَ بِالْإِفْلَاسِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَكْتَسِبَ قَدْرَ الزَّادِ، فَإِنْ عَجَزَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ الزَّكَاةَ وَالصَّدَقَةَ وَيَحُجَّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَمَاتَ مَاتَ عَاصِيًا.

تَنْبِيهٌ وَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ النُّسُكِ وُجُودُ الْمَاءِ وَالزَّادِ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُعْتَادِ حَمْلُهُ مِنْهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ (الثَّالِثُ) مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِطَاعَةِ (أَمْنُ الطَّرِيقِ) وَلَوْ ظَنًّا فِي كُلِّ مَكَان بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ (فَلَوْ خَافَ) فِي طَرِيقِهِ (عَلَى نَفْسِهِ) أَوْ عُضْوِهِ أَوْ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ مَعَهُ أَوْ عُضْوِهَا (أَوْ مَالِهِ) وَلَوْ يَسِيرًا، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَقْيِيدُهُ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلنَّفَقَةِ وَالْمُؤَنِ، أَمَّا إذَا أَرَادَ اسْتِصْحَابَ مَالٍ خَطِيرٍ لِلتِّجَارَةِ وَكَانَ الْخَوْفُ لِأَجْلِهِ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ (سَبُعًا أَوْ عَدُوًّا أَوْ رَصَدِيًّا) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِهَا، وَهُوَ مَنْ يَرْصُدُ - أَيْ يَرْقُبُ مَنْ يَمُرُّ لِيَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا (وَلَا طَرِيقَ) لَهُ (سِوَاهُ لَمْ يَجِبْ الْحَجُّ) عَلَيْهِ لِحُصُولِ الضُّرِّ، وَالْمُرَادُ بِالْأَمْنِ الْأَمْنُ الْعَامُّ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخَوْفُ فِي حَقِّهِ وَحْدَهُ قُضِيَ مِنْ تَرِكَتِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ، وَجَزَمَ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَوْفُ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ وَالنَّفْرِ الْقَلِيلِ لَمْ يُمْنَعْ الْوُجُوبُ، وَلَا فَرْقَ فِي الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ لَكِنْ إنْ كَانُوا كُفَّارًا وَأَطَاقَ الْخَائِفُونَ مُقَاوَمَتَهُمْ سُنَّ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا لِلنُّسُكِ وَيُقَاتِلُوهُمْ لِيَنَالُوا ثَوَابَ النُّسُكِ وَالْجِهَادِ، وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَمْ يُسَنَّ لَهُمْ الْخُرُوجُ وَالْقِتَالُ.

فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ الْكُفَّارُ مِثْلَيْنَا أَوْ أَقَلَّ لِمَ لَا يَجِبُ قِتَالُهُمْ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ السِّيَرِ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ انْصِرَافُنَا عَنْهُمْ حِينَئِذٍ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَهَذَا بِخِلَافِهِ. وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لِلرَّصَدِيِّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْرِيضِ عَلَى التَّعَرُّضِ لِلنَّاسِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا.

فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَيَّدُوا تَخْصِيصَ الْكَرَاهَةِ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ بِالْكُفَّارِ. .

أُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّهَا هُنَاكَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَبَذْلُ الْمَالِ عَلَى الْمُحْرِمِ أَسْهَلُ مِنْ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا قَبْلَهُ فَلَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ لِارْتِكَابِ الذُّلِّ وَعَارِضُ الْكَرَاهَةِ هُنَاكَ اسْتِمْرَارُ الْبَقَاءِ عَلَى الْإِحْرَامِ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُعْطِي هُوَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَجَبَ الْحَجُّ كَمَا نَقَلَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنْ الْإِمَامِ.

قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَسَكَتَ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِلْمِنَّةِ اهـ.

وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ. أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ آمِنٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ سُلُوكُهُ وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الْأَوَّلِ (وَالْأَظْهَرُ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ (وُجُوبُ رُكُوبِ الْبَحْرِ) بِسُكُونِ الْحَاءِ، وَيَجُوزُ فَتْحُهَا لِمَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَوْ امْرَأَةً (إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ) فِي رُكُوبِهِ كَسُلُوكِ طَرِيقِ الْبَرِّ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ، فَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ لَمْ يَجِبْ، بَلْ يَحْرُمُ فِي الْأَوَّلِ قَطْعًا، وَفِي الثَّانِي عَلَى الصَّحِيحِ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ، وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَوْفِ وَالْخَطَرِ وَتَعَسُّرِ دَفْعِ عَوَارِضِهِ. وَالثَّالِثُ: يَجِبُ مُطْلَقًا لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ، وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>