الرَّابِعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِلَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ وَعَلَى الْأَعْمَى الْحَجُّ إنْ وَجَدَ قَائِدًا، وَهُوَ كَالْمَحْرَمِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ لَكِنْ لَا يُدْفَعُ الْمَالُ إلَيْهِ، بَلْ يَخْرُجُ مَعَهُ الْوَلِيُّ أَوْ يَنْصِبُ شَخْصًا لَهُ:
النَّوْعُ الثَّانِي: اسْتِطَاعَةُ تَحْصِيلِهِ بِغَيْرِهِ، فَمَنْ مَاتَ وَفِي ذِمَّتِهِ حَجٌّ وَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ،
ــ
[مغني المحتاج]
حَدِّ الزِّنَا. نَعَمْ لَوْ كَانَ عَبْدُهَا مَحْرَمًا لَهَا كَانَ لَهَا إجْبَارُهُ، وَكَذَا لَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: نَعَمْ إنْ كَانَ قَدْ أَفْسَدَ حَجَّهَا وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْجَاجُ بِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ بِلَا أَجْرٍ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا فَائِدَةُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ التَّعْصِيَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ عَنْهَا مِنْ تَرِكَتِهَا، أَوْ تَكُونُ نَذَرَتْ الْحَجَّ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ، أَوْ خَشِيَتْ الْعَضْبَ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ الْمَرْأَةُ عَلَيْهَا لَمْ يَلْزَمْهَا النُّسُكُ.
(الرَّابِعُ) مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِطَاعَةِ (أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ) أَوْ فِي مَحْمِلٍ وَنَحْوِهِ (بِلَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ) فَمَنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا أَصْلًا أَوْ ثَبَتَ فِي مَحْمِلٍ عَلَيْهَا لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ لِكِبَرٍ وَغَيْرِهِ انْتَفَى عَنْهُ اسْتِطَاعَةُ الْمُبَاشَرَةِ، وَلَا تَضُرُّ مَشَقَّةٌ تُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ (وَعَلَى الْأَعْمَى الْحَجُّ) وَالْعُمْرَةُ (إنْ وَجَدَ) مَعَ مَا مَرَّ (قَائِدًا) يَقُودُهُ وَيَهْدِيهِ عِنْدَ نُزُولِهِ وَيُرَكِّبُهُ عِنْدَ رُكُوبِهِ (وَهُوَ) فِي حَقِّهِ (كَالْمَحْرَمِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ، وَلَوْ أَمْكَنَ مَقْطُوعُ الْأَطْرَافِ الثُّبُوتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ لَزِمَهُ بِشَرْطِ وُجُودِ مُعِينٍ لَهُ، وَالْمُرَادُ بِالرَّاحِلَةِ هُنَا الْبَعِيرُ بِمَحْمِلٍ أَوْ غَيْرِهِ خِلَافُ الرَّاحِلَةِ فِيمَا سَبَقَ فَإِنَّهَا الْبَعِيرُ الْخَالِي عَنْ الْمَحْمِلِ (وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ) فِي وُجُوبِ النُّسُكِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فَيَصِحُّ إحْرَامُهُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ (لَكِنْ لَا يُدْفَعُ الْمَالُ إلَيْهِ) لِئَلَّا يُبَذِّرَهُ (بَلْ يَخْرُجُ مَعَهُ الْوَلِيُّ) بِنَفْسِهِ إنْ شَاءَ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ (أَوْ يَنْصِبُ شَخْصًا لَهُ) ثِقَةً يَنُوبُ عَنْ الْوَلِيِّ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ مُتَبَرِّعًا كَافِيًا لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُجْرَتَهُ كَأُجْرَةِ مَنْ يَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي إذَا قَصُرَتْ مُدَّةُ السَّفَرِ أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهِ النَّفَقَةُ، لِقَوْلِهِمْ فِي الْوَصَايَا وَغَيْرِهَا: إنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ نَفَقَةَ أُسْبُوعٍ فَأُسْبُوعٍ إذَا كَانَ لَا يُتْلِفُهَا.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْوَلِيَّ فِي الْحَضَرِ يُرَاقِبُهُ، فَإِنْ أَتْلَفَهَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ السَّفَرِ فَرُبَّمَا أَتْلَفَ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فَيُضَيَّعُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: هَذَا إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ الْوَلِيُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ السَّفِيهُ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ.
تَنْبِيهٌ: يُشْتَرَطُ أَنْ تُوجَدَ هَذِهِ الْمُعْتَبَرَاتُ فِي إيجَابِ الْحَجِّ فِي الْوَقْتِ، فَلَوْ اسْتَطَاعَ فِي رَمَضَانَ مَثَلًا ثُمَّ افْتَقَرَ فِي شَوَّالٍ فَلَا اسْتِطَاعَةَ، وَكَذَا لَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ حَجِّهِمْ وَقَبْلَ رُجُوعِ مَنْ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الذَّهَابُ وَالْإِيَابُ.
(النَّوْعُ الثَّانِي: اسْتِطَاعَةُ تَحْصِيلِهِ) أَيْ الْحَجِّ لَا بِالْمُبَاشَرَةِ بَلْ (بِغَيْرِهِ، فَمَنْ مَاتَ وَفِي ذِمَّتِهِ حَجٌّ) وَاجِبٌ مُسْتَقِرٌّ بِأَنْ تَمَكَّنَ بَعْدَ اسْتِطَاعَتِهِ مِنْ فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَذَلِكَ بَعْدَ انْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَمُضِيِّ إمْكَانِ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ إنْ دَخَلَ الْحَاجُّ بَعْدَ الْوُقُوفِ ثُمَّ مَاتَ أَثِمَ وَلَوْ شَابًّا، وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ الْقَافِلَةُ (وَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ) وَلَوْ كَانَ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا مُسْتَأْجَرًا عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ وَزَادَ عَلَى الْمُحَرَّرِ قَوْلَهُ (مِنْ تَرِكَتِهِ) وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ كَمَا يَقْضِي مِنْهَا دَيْنَهُ لِرِوَايَةِ