للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ لِمَنْ هُوَ خَارِجَ الْحَرَمِ مِيقَاتُ الْحَجِّ، وَمَنْ بِالْحَرَمِ، يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَأَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ أَجْزَأَتْهُ فِي الْأَظْهَرِ، وَعَلَيْهِ دَمٌ.

فَلَوْ خَرَجَ إلَى الْحِلِّ بَعْدَ إحْرَامِهِ سَقَطَ الدَّمُ عَلَى الْمَذْهَبِ.

وَأَفْضَلُ بِقَاعِ الْحِلِّ الْجِعْرَانَةُ، ثُمَّ التَّنْعِيمُ ثُمَّ الْحُدَيْبِيَةُ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ صُوَرٌ: مِنْهَا الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ فَالْأَفْضَلُ لَهُمَا الْمِيقَاتُ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهَا مَا لَوْ شَكَّ فِي الْمِيقَاتِ لِخَرَابِ مَكَانِهِ، فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَسْتَظْهِرَ نَدْبًا، وَقِيلَ وُجُوبًا، وَمِنْهَا مَسْأَلَةُ النَّذْرِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

(وَمِيقَاتُ الْعُمْرَةِ) الْمَكَانِيُّ (لِمَنْ هُوَ خَارِجَ الْحَرَمِ مِيقَاتُ الْحَجِّ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ " مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ " (وَمَنْ) هُوَ (بِالْحَرَمِ) مَكِّيٌّ أَوْ غَيْرُهُ (يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ وَلَوْ بِخُطْوَةٍ) أَوْ أَقَلَّ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ مِنْ جِهَاتِ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرْسَلَ عَائِشَةَ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَجِّ إلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرَتْ» ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْخُرُوجُ وَاجِبًا لَمَا أَمَرَهَا لِضِيقِ الْوَقْتِ بِرَحِيلِ الْحَاجِّ، وَسَبَبُهُ أَنْ يَجْمَعَ فِي إحْرَامِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِهِ: إلَى أَدْنَى الْحِلِّ أَوْ زَادَ بَدَلَ " وَلَوْ بِخُطْوَةٍ " بِقَلِيلٍ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا قَدَّرْته وَلِمَنْ بِمَكَّةَ الْقِرَانُ تَغْلِيبًا لِلْحَجِّ (فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ) إلَى أَدْنَى الْحِلِّ (وَأَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ) بَعْدَ إحْرَامِهِ بِهَا فِي الْحَرَمِ انْعَقَدَتْ عُمْرَتُهُ جَزْمًا، وَ (أَجْزَأَتْهُ) هَذِهِ الْعُمْرَةُ عَنْ عُمْرَتِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِانْعِقَادِ إحْرَامِهِ وَإِتْيَانِهِ بَعْدَهُ بِالْوَاجِبَاتِ (وَ) لَكِنْ (عَلَيْهِ دَمٌ) لِتَرْكِهِ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَالثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ كَالْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحِلِّ وَهُوَ عَرَفَةُ.

(فَلَوْ خَرَجَ) عَلَى الْأَوَّلِ (إلَى) أَدْنَى (الْحِلِّ بَعْدَ إحْرَامِهِ) وَقَبْلَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ (سَقَطَ الدَّمُ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ مُحْرِمًا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالسُّقُوطِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ ذَلِكَ قَدْ انْتَهَى إلَى الْمِيقَاتِ عَلَى قَصْدِ النُّسُكِ ثُمَّ جَاوَزَهُ فَكَانَ مُسِيئًا حَقِيقَةً، وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُوجَدْ هَهُنَا، فَهُوَ شَبِيهٌ بِمَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ، وَالْمُرَادُ بِالسُّقُوطِ عَدَمُ الْوُجُوبِ كَمَا مَرَّ.

(وَأَفْضَلُ بِقَاعِ الْحِلِّ) لِمَنْ يُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ (الْجِعْرَانَةُ) لِإِحْرَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَهِيَ بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِ الْعَيْنِ وَتَثْقِيلِ الرَّاءِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ عَلَى الثَّانِي، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهِيَ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِ عَلَى سِتَّةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَكَّةَ.

فَائِدَةٌ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَحْرَمَ مِنْهَا ثَلَاثُمِائَةِ نَبِيٍّ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (ثُمَّ التَّنْعِيمُ) لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةَ بِالِاعْتِمَارِ مِنْهُ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي عِنْدَ الْمَسَاجِدِ الْمَعْرُوفَةِ بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ فَرْسَخٌ، فَهُوَ أَقْرَبُ أَطْرَافِ الْحِلِّ إلَى مَكَّةَ، سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَلَى يَمِينِهِ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ نُعَيْمٌ، وَعَلَى شِمَالِهِ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ نَاعِمٌ، وَالْوَادِي نُعْمَانُ (ثُمَّ الْحُدَيْبِيَةُ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَمَّ بِالِاعْتِمَارِ مِنْهَا فَصَدَّهُ الْكُفَّارُ فَقَدَّمَ فِعْلَهُ ثُمَّ أَمْرَهُ ثُمَّ هَمَّهُ، كَذَا قَالَ الْغَزَالِيُّ: إنَّهُ هَمَّ بِالِاعْتِمَارِ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>