وَالتَّعْيِينُ أَفْضَلُ وَفِي قَوْلٍ الْإِطْلَاقُ فَإِنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ صَرَفَهُ بِالنِّيَّةِ إلَى مَا شَاءَ مِنْ النُّسُكَيْنِ أَوْ إلَيْهِمَا ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالْأَعْمَالِ.
وَإِنْ أَطْلَقَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ فَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهُ عُمْرَةً فَلَا يَصْرِفُهُ إلَى الْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ.
وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ
ــ
[مغني المحتاج]
الدُّخُولَ فِي النُّسُكِ الصَّالِحِ لِلْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ: أَحْرَمْت.
رَوَى الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مُهِلِّينَ يَنْتَظِرُونَ الْقَضَاءَ - أَيْ نُزُولَ الْوَحْيِ، فَأَمَرَ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ أَنْ يَجْعَلَ إحْرَامَهُ عُمْرَةً، وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهُ حَجًّا» ، وَيُفَارِقُ الصَّلَاةَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِهَا مُطْلَقًا بِأَنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ شَرْطًا فِي انْعِقَادِ النُّسُكِ؛ وَلِهَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِنُسُكِ نَفْلٍ وَعَلَيْهِ نُسُكُ فَرْضٍ انْصَرَفَ إلَى الْفَرْضِ، وَلَوْ قَيَّدَ الْإِحْرَامَ بِزَمَنٍ كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ انْعَقَدَ مُطْلَقًا كَمَا فِي الطَّلَاقِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: يَنْبَغِي فِي هَذَا أَوْ فِي مَسْأَلَتَيْ النِّصْفِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِبَادَاتِ وَالنِّيَّةُ الْجَازِمَةُ شَرْطٌ فِيهَا، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَلَبَةِ وَالسِّرَايَةِ وَيَقْبَلُ الْأَخْطَارَ وَيَدْخُلُهُ التَّعْلِيقُ (وَالتَّعْيِينُ أَفْضَلُ) مِنْ الْإِطْلَاقِ، وَحُكِيَ هَذَا عَنْ نَصِّ الْأُمِّ لِيُعْرَفَ مَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ، قَالُوا: وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخَلَاصِ (وَفِي قَوْلٍ الْإِطْلَاقُ) أَفْضَلُ مِنْ التَّعْيِينِ، وَحُكِيَ هَذَا عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَصَلَ لَهُ عَارِضٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ صَرْفِهِ إلَى مَا لَا يُخَافُ فَوْتُهُ (فَإِنْ أَحْرَمَ) إحْرَامًا (مُطْلَقًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ صَرَفَهُ بِالنِّيَّةِ) لَا بِاللَّفْظِ فَقَطْ (إلَى مَا شَاءَ مِنْ النُّسُكَيْنِ أَوْ إلَيْهِمَا) مَعًا إنْ صَلَحَ الْوَقْتُ لَهُمَا (ثُمَّ اشْتَغَلَ) بَعْدَ الصَّرْفِ (بِالْأَعْمَالِ) فَلَا يُجْزِئُ الْعَمَلُ قَبْلَهُ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ التَّعْبِيرُ بِثُمَّ، لَكِنْ لَوْ طَافَ ثُمَّ صَرَفَهُ لِلْحَجِّ وَقَعَ طَوَافُهُ عَنْ الْقُدُومِ وَإِنْ كَانَ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ، وَلَوْ سَعَى بَعْدَهُ احْتَمَلَ الْإِجْزَاءَ لِوُقُوعِهِ تَبَعًا وَاحْتُمِلَ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّهُ رُكْنٌ فَيُحْتَاطُ لَهُ وَإِنْ وَقَعَ تَبَعًا، فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ بِأَنْ فَاتَ وَقْتُ الْحَجِّ صَرَفَهُ لِلْعُمْرَةِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ. وَعَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَيَّنَ عُمْرَةً كَمَا لَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ وَعَلَيْهِ التَّعَيُّنُ، فَإِنْ عَيَّنَ عُمْرَةً مَضَى أَوْ حَجًّا كَانَ كَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ لَهُ صَرْفَهُ إلَى مَا شَاءَ، وَيَكُونُ عِنْدَ صَرْفِهِ إلَى الْحَجِّ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَبْلَ التَّعْيِينِ فَأَيَّهُمَا عَيَّنَهُ كَانَ مُفْسِدًا لَهُ.
(وَإِنْ أَطْلَقَ) الْإِحْرَامَ (فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ) أَيْ الْحَجِّ (فَالْأَصَحُّ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالصَّحِيحِ (انْعِقَادُهُ عُمْرَةً فَلَا يَصْرِفُهُ إلَى الْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ) أَيْ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَ الْعُمْرَةِ، وَالثَّانِي يَنْعَقِدُ مُبْهَمًا فَلَهُ صَرْفُهُ إلَى عُمْرَةٍ، وَبَعْدَ دُخُولِ أَشْهُرِ الْحَجِّ إلَى النُّسُكَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ صَرَفَهُ إلَى الْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ كَانَ كَإِحْرَامِهِ بِهِ قَبْلَهَا فَيَنْعَقِدُ عُمْرَةً عَلَى الصَّحِيحِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِعَمْرٍو مَثَلًا (أَنْ يُحْرِمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ) كَأَنْ يَقُولَ: أَحْرَمْت بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ أَوْ كَإِحْرَامِهِ؛ لِأَنَّ أَبَا مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَهَلَّ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا أَخْبَرَهُ قَالَ لَهُ: أَحْسَنْت طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ، وَكَذَا فَعَلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute