فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَدَّ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ إنْ عَلِمَ عَدَمَ إحْرَامِ زَيْدٍ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ كَإِحْرَامِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ إحْرَامِهِ بِمَوْتِهِ جَعَلَ نَفْسَهُ قَارِنًا
ــ
[مغني المحتاج]
وَكِلَاهُمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا) أَوْ كَانَ كَافِرًا بِأَنْ أَتَى بِصُورَةِ الْإِحْرَامِ، أَوْ مُحْرِمًا إحْرَامًا فَاسِدًا (انْعَقَدَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا) لِأَنَّهُ قَصَدَ الْإِحْرَامَ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ، فَإِذَا بَطَلَتْ بَقِيَ أَصْلُ الْإِحْرَامِ وَلَغَتْ إضَافَتُهُ لِزَيْدٍ (وَقِيلَ إنْ عَلِمَ عَدَمَ إحْرَامِ زَيْدٍ لَمْ يَنْعَقِدْ) إحْرَامُهُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ، فَقَالَ إنْ كَانَ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت فَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا، وَفَرَّقَ الْأَصَحَّ بِأَنَّ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ تَعْلِيقُ أَصْلِ الْإِحْرَامِ فَلَيْسَ جَازِمًا بِهِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ فَإِنَّهُ جَازِمٌ بِالْإِحْرَامِ فِيهِ (وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا) بِإِحْرَامٍ صَحِيحٍ (انْعَقَدَ إحْرَامُهُ كَإِحْرَامِهِ) مِنْ تَعْيِينٍ أَوْ إطْلَاقٍ وَيَتَخَيَّرُ فِي الْمُطْلَقِ كَمَا يَتَخَيَّرُ زَيْدٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ إلَى مَا يَصْرِفُهُ زَيْدٌ، وَلَوْ عَيَّنَ زَيْدٌ قَبْلَ إحْرَامِ عَمْرٍو حَجًّا انْعَقَدَ إحْرَامُ عَمْرٍو مُطْلَقًا، وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ زَيْدٌ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ فَيَنْعَقِدُ لِعَمْرٍو عُمْرَةً لَا قِرَانًا، وَلَا يَلْزَمُهُ إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ التَّشْبِيهَ فِي الْحَالِ فِي الصُّورَتَيْنِ، فَيَكُونَ فِي الْأُولَى حَاجًّا وَفِي الثَّانِيَةِ قَارِنًا، وَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي الْأُولَى وَقَبْلَ إدْخَالِ الْحَجِّ فِي الثَّانِيَةِ وَقَصَدَ التَّشْبِيهَ بِهِ فِي حَالِ تَلَبُّسِهِ بِإِحْرَامِهِ الْحَاضِرِ وَالْآتِي، فَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِمُسْتَقْبَلٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ جَازِمٌ فِي الْحَالِ، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ فِي الْكَيْفِيَّةِ دُونَ الْأَصْلِ، فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَخْطُرْ بِهِ التَّشْبِيهُ بِإِحْرَامِ زَيْدٍ فِي الْحَالِ وَلَا فِي أَوَّلِهِ، فَإِنْ خَطَرَ لَهُ التَّشْبِيهُ بِأَوَّلِهِ أَوْ بِالْحَالِ فَالِاعْتِبَارُ بِمَا خَطَرَ لَهُ قَطْعًا، وَلَوْ أَخْبَرَهُ زَيْدٌ بِمَا أَحْرَمَ وَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ خِلَافُهُ عَمِلَ بِمَا أَخْبَرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَلَوْ عَلَّقَ إحْرَامَهُ عَلَى إحْرَامِ زَيْدٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، كَأَنْ قَالَ إذَا أَوْ نَحْوَهَا كَمَتَى، أَوْ إنْ أَحْرَمَ زَيْدٌ فَأَنَا مُحْرِمٌ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا، كَمَا لَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنَا مُحْرِمٌ لَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَعْلَقُ بِالْأَخْطَارِ، أَوْ قَالَ: إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فَأَنَا مُحْرِمٌ وَكَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ وَإِلَّا فَلَا تَبَعًا لَهُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَصِحَّ فِي الْأُولَى كَهَذِهِ إلَّا أَنَّ تِلْكَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَقْبَلٍ، وَهَذِهِ تَعْلِيقٌ بِحَاضِرٍ، وَمَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ مِنْ الْعُقُودِ يَقْبَلُهُمَا جَمِيعًا.
وَأُجِيبَ، بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِحَاضِرٍ أَقَلُّ غَرَرًا لِوُجُودِهِ فِي الْوَاقِعِ فَكَانَ قَرِيبًا مِنْ أَحْرَمْت، كَإِحْرَامِ زَيْدٍ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ بِمُسْتَقْبَلٍ (فَإِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ إحْرَامِهِ) وَعَبَّرَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ بِتَعَسَّرَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ التَّعَذُّرُ، وَسَوَاءٌ عُلِمَ أَنَّهُ أَحْرَمَ أَمْ جُهِلَ حَالُهُ (بِمَوْتِهِ) أَوْ جُنُونِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَغَيْبَةٍ بَعِيدَةٍ (جَعَلَ) عَمْرٌو (نَفْسَهُ قَارِنًا) بِأَنْ يَنْوِيَ الْقِرَانَ وَلَمْ يَجْتَهِدْ وَكَذَا إنْ نَسِيَ الْمُحْرِمُ مَا أَحْرَمَ بِهِ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَلَبَّسَ بِالْإِحْرَامِ يَقِينًا فَلَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِيَقِينِ الْإِتْيَانِ بِالْمَشْرُوعِ فِيهِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ لَا يَجْتَهِدُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَانِي وَالْقِبْلَةِ أَنَّ أَدَاءَ الْعِبَادَةِ ثَمَّ لَا يَحْصُلُ بِيَقِينٍ إلَّا بَعْدَ فِعْلٍ مَحْظُورٍ وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ لِغَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute