وَيَتَجَرَّدُ الرَّجُلُ لِإِحْرَامِهِ عَنْ مَخِيطِ الثِّيَابِ وَيَلْبَسُ إزَارًا وَرِدَاءً أَبْيَضَيْنِ وَنَعْلَيْنِ
ــ
[مغني المحتاج]
وَجْهَهَا بِشَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهَا تُؤْمَرُ بِكَشْفِهِ فَتَسْتَتِرُ بَشَرَتُهُ بِلَوْنِ الْحِنَّاءِ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ بِالْحِنَّاءِ تَعْمِيمًا دُونَ التَّطْرِيفِ وَالتَّنْقِيشِ وَالتَّسْوِيدِ. أَمَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَيُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ وَإِزَالَةِ الشَّعَثِ، وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ عَلَى الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَبِغَيْرِ الْمُحِدَّةِ الْمُحِدَّةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَيْضًا، وَيُنْدَبُ لِغَيْرِ الْمُحْرِمَةِ أَيْضًا وَإِنْ أَفْهَمَتْ عِبَارَتُهُ اخْتِصَاصَ النَّدْبِ بِالْمُحْرِمَةِ لَكِنَّهُ لِلْمُحْرِمَةِ آكَدُ. نَعَمْ يُكْرَهُ لِلْخَلِيَّةِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ.
(وَيَتَجَرَّدُ الرَّجُلُ) وُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ كَالرَّافِعِيِّ (لِإِحْرَامِهِ عَنْ مَخِيطِ الثِّيَابِ) لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ لُبْسُهُ فِي الْإِحْرَامِ الَّذِي هُوَ مُحْرِمٌ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي، لَكِنْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ بِسُنِّيَّتِهِ، وَاسْتَحْسَنَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَتْنِ كَالْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهِ وَهُوَ الْإِحْرَامُ لَمْ يُوجَدْ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي الصَّيْدِ عَدَمَ وُجُوبِ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَعَ أَنَّ الْمُدْرَكَ فِيهِمَا وَاحِدٌ.
وَأُجِيبَ مِنْ جِهَةِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْوَطْءَ يَقَعُ فِي النِّكَاحِ فَلَا يَحْرُمُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ النَّزْعُ عَقِبَهُ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمَعْصِيَةِ، وَلِأَنَّ مُوجِبَهُ لَيْسَ الْوَطْءَ بَلْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ الْإِحْرَامِ بِالْوَطْءِ.
وَأَمَّا الصَّيْدُ فَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ نَزْعِ الثَّوْبِ لَا يَحْصُلُ بِهِ فَيَجِبُ قَبْلَهُ كَمَا يَجِبُ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا عَلَى بَعِيدِ الدَّارِ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَتْنِ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَتَجَرَّدَ بِالنَّصْبِ، وَقَدْ ضَبَطَهُ الْمُصَنِّفُ بِالرَّفْعِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَقَدْ رَأَيْت فِي الْأَصْلِ قَابِلَتَهُ عَلَى خَطِّ الْمُصَنِّفِ: وَيَتَجَرَّدُ مَضْبُوطًا بِضَمِّ الدَّالِ: أَيْ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَلَا يُعْطَفُ عَلَى السُّنَنِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: مَخِيطٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَأَوْلَى مِنْهُ مُحِيطٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ لِشُمُولِهِ اللِّبْدَ وَالْمَنْسُوجَ وَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ الثِّيَابِ كَانَ أَوْلَى فَإِنَّهُ يَجِبُ نَزْعُ الْخُفِّ وَالنَّعْلِ (وَ) يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ النَّزْعُ قَبْلَ الطِّيبِ، وَأَنْ (يَلْبَسَ) الرَّجُلُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ (إزَارًا وَرِدَاءً) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (أَبْيَضَيْنِ) لِخَبَرِ «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ» ، وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَا جَدِيدَيْنِ وَإِلَّا فَمَغْسُولَيْنِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَغْسِلَ الْجَدِيدَ الْمَقْصُورَ لِنَشْرِ الْقَصَّارِينَ لَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حَصَى الْجِمَارِ احْتِيَاطًا، وَهَذَا أَوْلَى بِهِ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ أَنَّ غَيْرَ الْمَقْصُورِ كَذَلِكَ: أَيْ إذَا تُوُهِّمَتْ نَجَاسَتُهُ لَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُكْرَهُ الْمَصْبُوغُ وَلَوْ بِنِيلَةٍ أَوْ مَغْرَةٍ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ أَشْعَثُ أَغْبَرُ فَلَا يُنَاسِبُهُ الْمَصْبُوغُ أَيْ بِغَيْرِ الزَّعْفَرَانِ لِمَا مَرَّ فِي بَابِ اللِّبَاسِ أَنَّ لُبْسَهُ حَرَامٌ عَلَى الرَّجُلِ، وَقَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ كَرَاهَةَ الْمَصْبُوغِ بِمَا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا كَرَاهَةَ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ (وَ) يُسَنُّ أَنْ يَلْبَسَ (نَعْلَيْنِ) لِخَبَرِ «لِيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَخَرَجَ بِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى إذْ لَا نَزْعَ عَلَيْهِمَا فِي غَيْرِ الْوَجْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute