وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.
ثُمَّ الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ إذَا انْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَوْ تَوَجَّهَ لِطَرِيقِهِ مَاشِيًا، وَفِي قَوْلٍ يُحْرِمُ عَقِبَ الصَّلَاةِ.
وَيُسْتَحَبُّ إكْثَارُ التَّلْبِيَةِ وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِهَا فِي دَوَامِ إحْرَامِهِ،
ــ
[مغني المحتاج]
وَالْكَفَّيْنِ.
(وَ) أَنْ (يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ) لِلْإِحْرَامِ قَبْلَهُ لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ» ، وَيُحْرِمَانِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ، وَلَوْ كَانَ إحْرَامُهُ فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ فَصَلَّاهَا أَغْنَتْ عَنْهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَإِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: فِيهِ نَظَرٌ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُمَا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ فَلَا تَنْدَرِجُ كَسُنَّةِ الصُّبْحِ وَغَيْرِهَا، وَمِثْلُ الْفَرِيضَةِ الرَّاتِبَةُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِحْرَامُ بَعْدَ صَلَاةٍ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا فِي مَسْجِدِ الْمِيقَاتِ إنْ كَانَ ثَمَّ مَسْجِدٌ، وَلَا فَرْقَ فِي صَلَاتِهِمَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ.
(ثُمَّ الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ) الشَّخْصُ إنْ كَانَ رَاكِبًا (إذَا انْبَعَثَتْ) أَيْ اسْتَوَتْ (بِهِ رَاحِلَتُهُ) أَيْ دَابَّتُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ قَائِمَةً إلَى طَرِيقِ مَكَّةَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (أَوْ) يُحْرِمَ إذَا (تَوَجَّهَ لِطَرِيقِهِ) حَالَ كَوْنِهِ (مَاشِيًا) لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَهْلَلْنَا - أَيْ أَرَدْنَا أَنْ نُهِلَّ - أَنْ نُحْرِمَ إذَا تَوَجَّهْنَا» ، وَعِبَارَةُ التَّنْبِيهِ إذَا بَدَأَ بِالسَّيْرِ أَحْرَمَ، وَهِيَ أَخَصْرُ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ وَأَشْمَلُ (وَفِي قَوْلٍ يُحْرِمُ عَقِبَ الصَّلَاةِ) جَالِسًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: إنَّهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ يُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا. نَعَمْ الْإِمَامُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ يَوْمَ السَّابِعِ بِمَكَّةَ، وَأَنْ يُحْرِمَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَيَتَقَدَّمَ إحْرَامُهُ مَسِيرَهُ بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّ مَسِيرَهُ لِلنُّسُكِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَلَامُ غَيْرِهِ يُنَازِعُهُ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ غَرِيبٌ وَمُحْتَمَلٌ.
(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمُحْرِمِ (إكْثَارُ التَّلْبِيَةِ) مِنْ لَبَّ، وَأَلَبَّ بِالْمَكَانِ: أَقَامَ بِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ طَاهِرٍ وَحَائِضٍ وَجُنُبٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ وَلِأَنَّهُ شِعَارُ النُّسُكِ (وَرَفْعُ صَوْتِهِ) أَيْ الذَّكَرِ (بِهَا) رَفْعًا لَا يَضُرُّ نَفْسَهُ (فِي دَوَامِ إحْرَامِهِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِإِكْثَارُ وَرَفْعُ - أَيْ مَا دَامَ مُحْرِمًا - فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَأَقَرَّهُ اسْتِثْنَاءُ التَّلْبِيَةِ الْمُقَارِنَةِ لِلْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ لَا يَجْهَرُ بِهَا. أَمَّا الْمَرْأَةُ فَتَخْفِضُ صَوْتُهَا بِحَيْثُ تَقْتَصِرُ عَلَى سَمَاعِ نَفْسِهَا فَإِنْ رَفَعَتْ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ، وَيُسَنُّ لِلْمُلَبِّي فِي التَّلْبِيَةِ إدْخَالُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute