فَإِنْ عَجَزَ أَشَارَ بِيَدِهِ، وَيُرَاعَى ذَلِكَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ، وَلَا يُقَبِّلُ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ وَلَا يَسْتَلِمُهُمَا، وَيَسْتَلِمُ الْيَمَانِيَّ وَلَا يُقَبِّلُهُ.
وَأَنْ يَقُولَ أَوَّلَ طَوَافِهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ،
ــ
[مغني المحتاج]
لَكِنْ خَصَّهُ الشَّيْخَانِ، وَمُخْتَصَرُ كَلَامِهِمَا يَتَعَذَّرُ تَقْبِيلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ اسْتِلَامِهِ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا (أَشَارَ) إلَيْهِ (بِيَدِهِ) أَوْ بِشَيْءٍ فِيهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ «طَافَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَعِيرٍ لَهُ كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ» وَلَا يُنْدَبُ أَنْ يُشِيرَ إلَى الْقِبْلَةِ بِالْفَمِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِيَدِهِ وَإِنْ كَانَ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يُشِيرُ بِمَا فِيهَا مَعَ أَنَّهُ يُشِيرُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِلَامَ وَالْإِشَارَةَ إنَّمَا يَكُونَانِ بِالْيَدِ الْيُمْنَى، فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْيُسْرَى. قَالَ شَيْخُنَا: عَلَى الْأَقْرَبِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَيُرَاعَى ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِلَامُ وَمَا بَعْدَهُ (فِي كُلِّ طَوْفَةٍ) مِنْ الطَّوَفَاتِ السَّبْعِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَدَعُ أَنْ يَسْتَلِمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ وَالْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ» وَهُوَ فِي الْأَوْتَارِ آكَدُ لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَلِمًا فِي افْتِتَاحِهِ وَاخْتِتَامِهِ وَهُوَ أَكْثَرُ عَدَدًا (وَلَا يُقَبِّلُ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ) وَهُمَا اللَّذَانِ عِنْدَهُمَا الْحِجْرُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ (وَلَا يَسْتَلِمُهُمَا) بِيَدِهِ وَلَا بِشَيْءٍ فِيهَا: أَيْ لَا يُسَنُّ ذَلِكَ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَسْتَلِمُ إلَّا الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ» (وَيَسْتَلِمُ) الرُّكْنَ (الْيَمَانِيَّ) نَدْبًا فِي كُلِّ طَوْفَةٍ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ (وَلَا يُقَبِّلُهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ، وَلَكِنْ يُقَبِّلُ بَعْدَ اسْتِلَامِهِ مَا اسْتَلَمَهُ بِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ أَشَارَ إلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي الصَّيْفِ الْيَمَنِيِّ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْهُ لِتَرَتُّبِهَا عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَجْزِ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَكَذَا هُنَا، وَمُقْتَضَى الْقِيَاسُ أَنَّهُ يُقَبِّلُ مَا أَشَارَ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخِي. وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ تَقْبِيلِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ إنَّمَا هُوَ نَفْيُ كَوْنِهِ سُنَّةً، فَلَوْ قَبَّلَهُنَّ أَوْ غَيْرَهُنَّ مِنْ الْبَيْتِ لَمْ يَكُنْ مَكْرُوهًا وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى، بَلْ يَكُونُ حَسَنًا، كَمَا نَقَلَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ. قَالَ: وَأَيَّ الْبَيْتِ قَبَّلَ فَحَسَنٌ غَيْرَ أَنَّا نُؤْمَرُ بِالِاتِّبَاعِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَتَفَطَّنْ لَهُ فَإِنَّهُ أَمْرٌ مُهِمٌّ.
فَائِدَةٌ: السَّبَبُ فِي اخْتِلَافِ الْأَرْكَانِ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ أَنَّ الرُّكْنَ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ فِيهِ فَضِيلَتَانِ: كَوْنُ الْحَجَرِ فِيهِ، وَكَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَالْيَمَانِيُّ فِيهِ فَضِيلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ كَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ.
وَأَمَّا الشَّامِيَّانِ فَلَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الْفَضِيلَتَيْنِ.
(وَ) ثَالِثُهُمَا: الدُّعَاءُ الْمَأْثُورُ، فَيُسَنُّ (أَنْ يَقُولَ أَوَّلَ طَوَافِهِ) وَكَذَا فِي كُلِّ طَوْفَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، لَكِنَّ الْأَوْلَى آكَدُ (بِسْمِ اللَّهِ) أَطُوفُ (وَاَللَّهُ أَكْبَرُ) وَاسْتَحَبَّ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute