للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُمَّ إيمَانًا بِكَ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلْيَقُلْ قُبَالَةَ الْبَابِ: اللَّهُمَّ إنَّ الْبَيْتَ بَيْتُك، وَالْحَرَمُ حَرَمُك، وَالْأَمْنُ أَمْنُك، وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ النَّارِ، وَبَيْنَ الْيَمَانِيَّيْنِ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ، وَمَأْثُورُ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ مَأْثُورِهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

(اللَّهُمَّ) أَطُوفُ (إيمَانًا بِكَ، وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك، وَوَفَاءً) أَيْ تَمَامًا (بِعَهْدِك) وَهُوَ الْمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ، وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ (وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَإِيمَانًا وَمَا بَعْدَهُ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ، وَالتَّقْدِيرُ أَفْعَلُهُ إيمَانًا بِكَ إلَخْ.

فَائِدَةٌ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ اسْتَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْ صُلْبِهِ، وَقَالَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢] [الْأَعْرَافَ] ، فَأَمَرَ أَنْ يُكْتَبَ بِذَلِكَ عَهْدٌ وَيُدْرَجَ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ (وَلْيَقُلْ) نَدْبًا (قُبَالَةَ الْبَابِ) بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ فِي الْجِهَةِ الَّتِي تُقَابِلُهُ (اللَّهُمَّ إنَّ الْبَيْتَ بَيْتُك، وَالْحَرَمُ حَرَمُك، وَالْأَمْنُ أَمْنُك، وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ النَّارِ) هَذَا الدُّعَاءُ مِنْ زَوَائِدِ الْمِنْهَاجِ، وَأَصْلُهُ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ، وَقَالَ: يُشِيرُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَشَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: يَعْنِي بِالْعَائِذِ نَفْسَهُ: أَيْ هَذَا الْمُلْتَجِئُ الْمُسْتَعِيذُ بِكَ مِنْ النَّارِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُشِيرُ بِهِ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ، وَأَنَّ الْعَائِذَ هُوَ إبْرَاهِيمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَلَطٌ فَاحِشٌ وَقَعَ لِبَعْضِ عَوَامِّ مَكَّةَ، وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى الرُّكْنِ الْعِرَاقِيِّ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّكِّ وَالشِّرْكِ، وَالنِّفَاقِ وَالشِّقَاقِ، وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ، وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ، وَعِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى تَحْتِ الْمِيزَابِ: اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي فِي ظِلِّك يَوْمَ لَا ظِلِّ إلَّا ظِلُّك وَاسْقِنِي بِكَأْسِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرَابًا هَنِيئًا لَا أَظْمَأُ بَعْدَهُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَبَيْنَ الرُّكْنِ الشَّامِيِّ وَالْيَمَانِيِّ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا، وَعَمَلًا مَقْبُولًا، وَتِجَارَةً لَنْ تَبُورَ يَا عَزِيزُ يَا غَفُورُ - أَيْ وَاجْعَلْ ذَنْبِي ذَنْبًا مَغْفُورًا وَقِسْ بِهِ الْبَاقِيَ، وَالْمُنَاسِبُ لِلْمُعْتَمِرِ أَنْ يَقُولَ: عُمْرَةٌ مَبْرُورَةٌ وَيُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابُ التَّعْبِيرِ بِالْحَجِّ مُرَاعَاةً لِلْخَبَرِ، وَيَقْصِدُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الْقَصْدُ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فِي الدُّعَاءِ الْآتِي فِي الرَّمَلِ، وَمَحَلُّ الدُّعَاءِ بِهَذَا إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَإِلَّا فَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ (وَبَيْنَ الْيَمَانِيَّيْنِ: اللَّهُمَّ) وَفِي الْمَجْمُوعِ - رَبَّنَا (آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) قِيلَ هِيَ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَقِيلَ الْعِلْمُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) قِيلَ هِيَ الْجَنَّةُ، وَقِيلَ الْعَفْوُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَهَذَا أَحَبُّ مَا يُقَالُ فِي الطَّوَافِ إلَيَّ وَأُحِبُّ أَنْ يُقَالَ فِي كُلِّهِ - أَيْ الطَّوَافِ - (وَلْيَدْعُ بِمَا شَاءَ) فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ فَهُوَ سُنَّةٌ مَأْثُورًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْثُورُ أَفْضَلَ كَمَا قَالَ (وَمَأْثُورُ الدُّعَاءِ) بِالْمُثَلَّثَةِ: أَيْ الْمَنْقُولِ مِنْ الدُّعَاءِ فِي الطَّوَافِ (أَفْضَلُ) مِنْ غَيْرِهِ، وَ (مِنْ الْقِرَاءَةِ) فِيهِ لِلِاتِّبَاعِ (وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ مَأْثُورِهِ) لِأَنَّ الْمَوْضِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>