للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْرَأُ فِي الْأُولَى قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ، وَيَجْهَرُ لَيْلًا، وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ الْمُوَالَاةُ وَالصَّلَاةُ، وَلَوْ حَمَلَ الْحَلَالُ مُحْرِمًا وَطَافَ بِهِ حُسِبَ لِلْمَحْمُولِ،

ــ

[مغني المحتاج]

عَقِبَ كُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْهِ، وَلَوْ صَلَّى لِلْجَمِيعِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُكْرَهْ (يَقْرَأُ فِي الْأُولَى) مِنْهُمَا سُورَةَ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] ، وَ) يَقْرَأُ (فِي الثَّانِيَةِ) سُورَةَ (الْإِخْلَاصِ) لِلِاتِّبَاعِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَلِمَا فِي قِرَاءَتِهِمَا مِنْ الْإِخْلَاصِ الْمُنَاسِبِ لِمَا هُنَا لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ (وَيَجْهَرُ) فِيهِمَا (لَيْلًا) مَعَ مَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَسَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ. وَيُسَنُّ فِيمَا فِي ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الْكُسُوفِ وَغَيْرِهِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ شِعَارِ النُّسُكِ.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي النَّوَافِلِ الْمَفْعُولَةِ لَيْلًا أَنْ يَتَوَسَّطَ فِيهَا بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ فِي النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا مَرَّ (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ الْمُوَالَاةُ) بَيْنَ أَشْوَاطِهِ وَأَبْعَاضِهَا (وَ) تَجِبُ (الصَّلَاةُ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتَى بِالْأَمْرَيْنِ وَقَالَ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ. أَمَّا الْمُوَالَاةُ: فَلِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّ الْخِلَافَ هُنَا هُوَ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ هُنَاكَ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي التَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ فَرَّقَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا بِعُذْرٍ لَمْ يَضُرَّ جَزْمًا كَالْوُضُوءِ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَالْكَثِيرُ هُوَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بِتَرْكِهِ تَرْكُ الطَّوَافِ: إمَّا بِالْإِضْرَابِ عَنْهُ، أَوْ بِظَنٍّ أَنَّهُ أَتَمَّهُ. وَمِنْ الْعُذْرِ إقَامَةُ الْمَكْتُوبَةِ لَا صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالرَّوَاتِبِ بَلْ يُكْرَهُ قَطْعُ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ لَهُمَا.

وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلِخَبَرِ " هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ " وَالْقَوْلَانِ فِي وُجُوبِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إذَا كَانَ فَرْضًا، فَإِنْ كَانَ نَفْلًا فَسُنَّةٌ قَطْعًا، وَقِيلَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ، وَلَا بُعْدَ فِي اشْتِرَاطِ فَرْضٍ فِي نَفْلٍ كَالطَّهَارَةِ وَالسِّتْرِ فِي النَّافِلَةِ، وَعَلَى الْوُجُوبِ يَصِحُّ الطَّوَافُ بِدُونِهِمَا، إذْ لَيْسَا بِشَرْطٍ وَلَا رُكْنٍ لَهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ إذَا دَخَلَ تَحْتَ نُسُكِ النِّيَّةِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافُ إفَاضَةٍ أَوْ نَذْرٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ زَمَنُهُ وَدَخَلَ وَقْتَ مَا عَلَيْهِ فَنَوَى غَيْرُهُ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ تَطَوُّعًا أَوْ قُدُومًا أَوْ وَدَاعًا وَقَعَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ النَّذْرِ كَمَا فِي وَاجِبِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَقَوْلُهُمْ: إنَّ الطَّوَافَ يَقْبَلُ الصَّرْفَ: أَيْ إذَا صَرَفَهُ لِغَيْرِ طَوَافٍ آخَرَ كَطَلَبِ غَرِيمٍ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْخِصَالِ أَنَّ سُنَنَ الطَّوَافِ تَصِلُ إلَى نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ خَصْلَةً وَفِيمَا ذَكَرْته لَكَ كِفَايَةٌ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى، نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ الْمُتَّبِعِينَ وَلَا يَجْعَلَنَا مِنْ الْمُبْتَدِعِينَ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُحْرِمِ أَنْ يَطُوفَ بِنَفْسِهِ (وَ) لِهَذَا (لَوْ حَمَلَ الْحَلَالُ مُحْرِمًا) لِمَرَضٍ أَوْ صِغَرٍ أَوَّلًا لَمْ يَطُفْ الْمُحْرِمُ عَنْ نَفْسِهِ لِإِحْرَامِهِ وَلَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ نَفْسِهِ (وَطَافَ بِهِ) وَلَمْ يَنْوِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمَا (حُسِبَ) الطَّوَافُ (لِلْمَحْمُولِ) عَنْ الطَّوَافِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ إحْرَامُهُ كَرَاكِبِ بَهِيمَةٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: حُسِبَ لِلْمَحْمُولِ بِشَرْطِهِ - أَيْ بِشَرْطِ الطَّوَافِ فِي حَقِّ الْمَحْمُولِ مِنْ طَهَارَةٍ، وَسَتْرِ عَوْرَةٍ، وَدُخُولِ وَقْتٍ، وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا وَقَعَ لِلْحَامِلِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ لِإِحْرَامِهِ، فَكَمَا لَوْ حَمَلَ حَلَالًا، وَسَيَأْتِي أَوْ صَرَفَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَإِنْ نَوَاهُ الْحَامِلُ لِنَفْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>