إلَّا أَنْ يَخَافَ صَدْمَ النِّسَاءِ فَالْقُرْبُ بِلَا رَمَلٍ أَوْلَى، وَأَنْ يُوَالِيَ طَوَافَهُ.
وَأَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ،
ــ
[مغني المحتاج]
بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ، وَالْمُتَعَلِّقَةُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى بِالْمُحَافَظَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ بِالْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ رَجَاهَا وَقَفَ لِيَرْمُلَ فِيهَا (إلَّا أَنْ يَخَافَ صَدْمَ النِّسَاءِ) بِأَنْ كُنَّ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ (فَالْقُرْبُ بِلَا رَمَلٍ أَوْلَى) مِنْ الْبُعْدِ مَعَ الرَّمَلِ مُحَافَظَةً عَلَى الطَّهَارَةِ، وَلَوْ خَافَ مَعَ الْقُرْبِ أَيْضًا لَمْسَهُنَّ فَتَرْكُ الرَّمَلِ أَوْلَى. وَيُسَنُّ أَنْ يَتَحَرَّك فِي مَشْيِهِ وَيَرَى مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ لَرَمَلَ كَمَا فِي الْعَدْوِ فِي السَّعْيِ (وَ) سَابِعُهَا (أَنْ يُوَالِيَ) الطَّائِفُ (طَوَافَهُ) اتِّبَاعًا وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَيَجُوزُ الْكَلَامُ فِيهِ وَلَا يَبْطُلُ بِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ النُّطْقَ» وَلَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ إلَّا فِي خَيْرٍ كَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ، وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ، وَتَعْلِيمِ جَاهِلٍ، وَجَوَابِ مُسْتَفْتٍ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُبْصَقَ فِيهِ، وَأَنْ يَجْعَلَ يَدَيْهِ وَرَاءَ ظَهْرِهِ مُكْتَنِفًا، وَأَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِهِ إلَّا فِي حَالَةِ التَّثَاؤُبِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ، وَأَنْ يُشَبِّكَ أَصَابِعَهُ أَوْ يُفَرْقِعَهَا، وَأَنْ يَكُونَ حَاقِنًا أَوْ حَاقِبًا أَوْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ إلَيْهِ نَفْسُهُ، وَأَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُنْتَقِبَةً وَيُكْرَهُ فِيهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَكَرَاهَةُ الشُّرْبِ أَخَفُّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي طَوَافِهِ خَاشِعًا خَاضِعًا، حَاضِرَ الْقَلْبِ، مُلَازِمًا لِلْأَدَبِ بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ مُسْتَحْضِرًا فِي قَلْبِهِ عَظَمَةَ مَنْ هُوَ طَائِفٌ بِبَيْتِهِ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَصُونَ نَظَرَهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهِ، وَقَلْبَهُ عَنْ احْتِقَارِ مَنْ يَرَاهُ مِنْ الضُّعَفَاءِ وَالْمَرْضَى، وَيُعَلِّمَ السَّائِلَ بِرِفْقٍ، وَهَلْ الْأَفْضَلُ التَّطَوُّعُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالطَّوَافِ أَوْ الصَّلَاةِ؟ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الطَّوَافُ أَفْضَلُ، وَظَاهِرُ قَوْلِ غَيْرِهِ أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الصَّلَاةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَالطَّوَافُ لِلْغُرَبَاءِ.
(وَ) ثَامِنُهَا (أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ) وَتُجْزِئُ عَنْهُمَا الْفَرِيضَةُ وَالرَّاتِبَةُ كَمَا فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَفِعْلُهُمَا (خَلْفَ الْمَقَامِ) الَّذِي لِإِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ لِلِاتِّبَاعِ ثُمَّ فِي الْحِجْرِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: تَحْتَ الْمِيزَابِ، ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ فِي الْحَرَمِ حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْأَمْكِنَةِ مَتَى شَاءَ مِنْ الْأَزْمِنَةِ، وَلَا يَفُوتَانِ إلَّا بِمَوْتِهِ، وَمَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى أَنَّ فِعْلَهُمَا فِي الْكَعْبَةِ أَوْلَى مِنْهُ خَلْفَ الْمَقَامِ، وَالْأَفْضَلُ مَا فِي الْمَتْنِ، لِأَنَّ الْبَابَ بَابُ اتِّبَاعٍ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ، وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . وَقَالَ فِي التَّوَسُّطِ: وَلَا أَحْسَبُ فِي أَفْضَلِيَّةِ فِعْلِهِمَا خَلْفَ الْمَقَامِ خِلَافًا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ إجْمَاعٌ مُتَوَارَثٌ لَا يُشَكُّ فِيهِ، بَلْ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُمَا إلَّا خَلْفَ الْمَقَامِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ، وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ الْمَسْجِدِ بَيْتَ خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - ثُمَّ بَاقِيَ مَكَّةَ ثُمَّ الْحَرَمَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَيُسَنُّ لَهُ إذَا أَخَّرَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إرَاقَةُ دَمٍ أَيْ كَدَمِ التَّمَتُّعِ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْمُقْرِي بِمَا إذَا صَلَّاهُمَا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ لِتَأَخُّرِهِمَا إلَيْهِ عَنْ الْحَرَمِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ، وَيُصَلِّيهِمَا الْأَجِيرُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَالْوَلِيُّ عَنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَلَوْ وَالَى بَيْنَ أَسَابِيعَ طَوَافَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ وَالَى بَيْنَ رَكَعَاتِهَا لِكُلِّ طَوَافٍ رَكْعَتَيْهِ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَالْأَفْضَلُ خِلَافُهُ بِأَنْ يُصَلِّيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute