للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلْيَقُلْ فِيهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وَذَنْبًا مَغْفُورًا، وَسَعْيًا مَشْكُورًا.

وَأَنْ يَضْطَبِعَ فِي جَمِيعِ كُلِّ طَوَافٍ يَرْمُلُ فِيهِ، وَكَذَا فِي السَّعْيِ عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ جَعْلُ وَسَطِ رِدَائِهِ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ عَلَى الْأَيْسَرِ، وَلَا تَرْمُلُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَضْطَبِعُ

وَأَنْ يَقْرُبَ مِنْ الْبَيْتِ، فَلَوْ فَاتَ الرَّمَلُ بِالْقُرْبِ لِزَحْمَةٍ فَالرَّمَلُ مَعَ بُعْدٍ أَوْلَى

ــ

[مغني المحتاج]

لِلْقُدُومِ وَلَمْ يَسْعَ عَقِبَهُ ثُمَّ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ رَمَلَ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَالْحَاجُّ مِنْ مَكَّةَ يَرْمُلُ فِي طَوَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَإِذَا طَافَ لِلْقُدُومِ وَسَعَى عَقِبَهُ وَلَمْ يَرْمُلْ فِيهِ لَا يَقْضِيهِ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَلَوْ طَافَ وَرَمَلَ وَلَمْ يَسْعَ رَمَلَ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِبَقَاءِ السَّعْيِ عَلَيْهِ (وَلْيَقُلْ فِيهِ) أَيْ فِي رَمَلِهِ (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ) أَيْ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ (حَجًّا مَبْرُورًا) وَهُوَ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ مَعْصِيَةٌ مَأْخُوذٌ مِنْ الْبِرِّ، وَهُوَ الطَّاعَةُ، وَقِيلَ هُوَ الْمُتَقَبَّلُ (وَذَنْبًا مَغْفُورًا) أَيْ اجْعَلْ ذَنْبِي ذَنْبًا مَغْفُورًا (وَسَعْيًا مَشْكُورًا) وَالسَّعْيُ هُوَ الْعَمَلُ وَالْمَشْكُورُ الْمُتَقَبَّلُ، وَقِيلَ الَّذِي يُشْكَرُ عَلَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا قَالَهُ " الرَّافِعِيُّ، هَذَا إذَا كَانَ حَجًّا. فَأَمَّا الْمُعْتَمِرُ فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي دُعَاءِ الْمَطَافِ، وَسَكَتَ الشَّيْخَانِ عَمَّا يَقُولُهُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ، وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَقُولَ فِيهَا: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَتَجَاوَزَ عَمَّا تَعْلَمُ، إنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ، اللَّهُمَّ - {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١]-.

(وَ) خَامِسُهَا (أَنْ يَضْطَبِعَ) الذَّكَرُ وَلَوْ صَبِيًّا (فِي جَمِيعِ كُلِّ طَوَافٍ يَرْمُلُ فِيهِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (وَكَذَا) يَضْطَبِعُ (فِي السَّعْيِ عَلَى الصَّحِيحِ) قِيَاسًا عَلَى الطَّوَافِ بِجَامِعِ قَصْدِ مَسَافَةٍ مَأْمُورٍ بِتَكْرِيرِهَا، وَسَوَاءٌ اضْطَبَعَ فِي الطَّوَافِ قَبْلَهُ أَمْ لَا، وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ وُرُودِهِ، وَكَلَامُهُ قَدْ يُفْهِمُ عَدَمَ اسْتِحْبَابِهِ فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِكَرَاهَةِ الِاضْطِبَاعِ فِي الصَّلَاةِ فَيُزِيلُهُ عِنْدَ إرَادَتِهَا وَيُعِيدُهُ عِنْدَ إرَادَةِ السَّعْيِ. وَلَا يُسَنُّ فِي طَوَافٍ لَا يُسَنُّ فِيهِ رَمَلٌ (وَهُوَ جَعْلُ وَسَطِ رِدَائِهِ) بِفَتْحِ السِّينِ فِي الْأَفْصَحِ (تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ) وَيَكْشِفَهُ (وَ) جَعْلُ (طَرَفَيْهِ عَلَى الْأَيْسَرِ) كَدَأْبِ أَهْلِ الشَّطَارَةِ، وَالِاضْطِبَاعُ افْتِعَالٌ مُشْتَقٌّ مِنْ الضَّبُعِ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ، وَهُوَ الْعَضُدُ (وَلَا تَرْمُلُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَضْطَبِعُ) أَيْ لَا يُطْلَبُ مِنْهَا ذَلِكَ، لِأَنَّ بِالرَّمَلِ تَتَبَيَّنَ أَعْطَافُهَا، وَبِالِاضْطِبَاعِ يَنْكَشِفُ مَا هُوَ عَوْرَةٌ مِنْهَا. وَالْمَعْنَى السَّابِقُ، وَهُوَ كَوْنُهُ دَأْبَ أَهْلِ الشَّطَارَةِ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ بَلْ بِأَهْلِ الشَّطَارَةِ مِنْهُمْ، وَالتَّشْبِيهُ بِهِمْ حَرَامٌ، وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى.

(وَ) سَادِسُهَا (أَنْ يَقْرُبَ مِنْ الْبَيْتِ) لِشَرَفِهِ، وَلِأَنَّهُ أَيْسَرُ فِي الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ، وَالْأَوْلَى - كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ - أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ ثَلَاثَ خَطَوَاتٍ لِيَأْمَنَ مُرُورَ بَعْضِ جَسَدِهِ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ. نَعَمْ إنْ تَأَذَّى أَوْ أَذَى غَيْرَهُ بِنَحْوِ زَحْمَةٍ فَالْبُعْدُ أَوْلَى، وَهَذَا كُلُّهُ خَاصٌّ بِالرِّجَالِ.

أَمَّا الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى فَيَكُونَانِ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ فَإِنْ طَافَا خَالِيَيْنِ فَكَالرَّجُلِ فِي اسْتِحْبَابِ الْقُرْبِ (فَلَوْ فَاتَ الرَّمَلُ بِالْقُرْبِ) مِنْ الْبَيْتِ (لِزَحْمَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا وَلَمْ يَرْجُ فُرْجَةً مَعَ الْقُرْبِ يَرْمُلُ فِيهَا لَوْ انْتَظَرَ (فَالرَّمَلُ مَعَ بُعْدٍ) عَنْهُ (أَوْلَى) لِأَنَّ الْقُرْبَ فَضِيلَةٌ تَتَعَلَّقُ بِمَوْضِعِ الْعِبَادَةِ، وَالرَّمَلُ فَضِيلَةٌ تَتَعَلَّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>