وَيُسَنُّ شُرْبُ مَاءِ زَمْزَمَ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْمُلْتَزَمَ فَيُلْصِقَ بَدَنَهُ وَصَدْرَهُ بِحَائِطِ الْبَيْتِ وَيَبْسُطَ يَدَيْهِ عَلَى الْجِدَارِ فَيَجْعَلُ الْيُمْنَى مِمَّا يَلِي الْبَابَ وَالْيُسْرَى مِمَّا يَلِي الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ مِنْ الْمَأْثُورِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ الْمَأْثُورَ أَفْضَلُ، وَمِنْ الْمَأْثُورِ مَا فِي التَّنْبِيهِ وَهُوَ " اللَّهُمَّ الْبَيْتُ بَيْتُك، وَالْعَبْدُ عَبْدُك وَابْنُ أَمَتِك، حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْت لِي مِنْ خَلْقِك حَتَّى صَيَّرْتَنِي فِي بِلَادِك، وَبَلَّغْتَنِي بِنِعْمَتِك حَتَّى أَعَنْتَنِي عَلَى قَضَاءِ مَنَاسِكِك، فَإِنْ كُنْت رَضِيَتْ عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا، وَإِلَّا فَمُنَّ الْآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْأَى عَنْ بَيْتِك دَارِي وَيَبْعُدَ عَنْهُ مَزَارِي، هَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إنْ أَذِنْت لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَلَا بَيْتِك وَلَا رَاغِبٍ عَنْك وَلَا عَنْ بَيْتِك. اللَّهُمَّ فَأَصْحِبْنِي الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي، وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي وَأَحْسِنْ مُنْقَلَبِي، وَارْزُقْنِي الْعَمَلَ بِطَاعَتِك مَا أَبْقَيْتَنِي " وَمَا زَادَ فَحَسَنٌ وَقَدْ زِيدَ فِيهِ " وَاجْمَعْ لِي خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إنَّك قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ " وَلَفْظُ فَمُنَّ الْآنَ يَجُوزُ فِيهِ ضَمُّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَهُوَ الْأَجْوَدُ وَكَسْرُ الْمِيمِ وَتَخْفِيفُ النُّونِ مَعَ فَتْحِهَا وَكَسْرِهَا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ اُسْتُحِبَّ أَنْ تَأْتِيَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَتَمْضِيَ.
. وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْ الِاعْتِمَارِ وَالطَّوَافِ تَطَوُّعًا وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ،.
وَأَنْ يَزُورَ الْمَوَاضِعَ الْمَشْهُورَةَ بِالْفَضْلِ بِمَكَّةَ، وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ. مِنْهَا: بَيْتُ الْمَوْلِدِ، وَبَيْتُ خَدِيجَةَ، وَمَسْجِدُ دَارِ الْأَرْقَمِ، وَالْغَارُ الَّذِي فِي ثَوْرٍ وَاَلَّذِي فِي حِرَاءَ. وَقَدْ أَوْضَحَهَا الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ، وَأَنْ يُكْثِرَ النَّظَرَ إلَى الْبَيْتِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا " لِمَا رَوَى الْأَزْرَقِيُّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ. قَالَ: مَنْ نَظَرَ إلَى الْكَعْبَةِ إيمَانًا وَتَصْدِيقًا خَرَجَ مِنْ الْخَطَايَا كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ". وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ «إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ رَحْمَةٍ تَنْزِلُ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ: سِتُّونَ لِلطَّائِفَيْنِ، وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ، وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ» وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ الصَّدَقَةِ وَأَنْوَاعِ الْبِرِّ وَالْقُرُبَاتِ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ هُنَاكَ بِمِائَةِ أَلْفِ حَسَنَةٍ. قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الدُّعَاءُ يُسْتَحَبُّ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا بِمَكَّةَ فِي الطَّوَافِ، وَالْمُلْتَزَمِ، وَتَحْتَ الْمِيزَابِ وَفِي الْبَيْتِ، وَعِنْدَ زَمْزَمَ، وَعَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَفِي السَّعْيِ، وَخَلْفَ الْمَقَامِ، وَفِي عَرَفَاتٍ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى، وَعِنْدَ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ.
(وَيُسَنُّ شُرْبُ مَاءِ زَمْزَمَ) لِأَنَّهَا مُبَارَكَةٌ طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سَقَمٍ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقِيلَ شِفَاءُ سَقَمٍ لَمْ يَرْوِهَا مُسْلِمٌ وَإِنَّمَا رَوَاهَا أَبُو الطَّيَالِسِيِّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ. وَيُسَنُّ أَنْ يَشْرَبَهُ لِمَطْلُوبِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِحَدِيثِ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْمُنْذِرِيُّ وَضَعَّفَهُ الْمُصَنِّفُ، وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ لِوُرُودِهِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ جَابِرٍ.
وَيُسَنُّ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ عِنْدَ شُرْبِهِ، وَأَنْ يَتَضَلَّعَ مِنْهُ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «آيَةُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ لَا يَتَضَلَّعُونَ مِنْ زَمْزَمَ» . وَقَدْ شَرِبَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَنَالُوا مَطْلُوبَهُمْ. وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ شُرْبِهِ: اللَّهُمَّ إنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» وَأَنَا أَشْرَبُهُ لِكَذَا، وَيَذْكُرُ مَا يُرِيدُ دِينًا وَدُنْيَا: اللَّهُمَّ فَافْعَلْ، ثُمَّ يُسَمِّي اللَّهَ تَعَالَى، وَيَشْرَبُ وَيَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إذَا شَرِبَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا وَاسِعًا، وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ. وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.
وَيُسَنُّ الدُّخُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute