للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[مغني المحتاج]

الدُّنْيَا، وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِخَبَرِ «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا رَدَّ اللَّهُ لَهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

وَأَقَلُّ السَّلَامِ عَلَيْهِ: السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ تَأَدُّبًا مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي حَيَاتِهِ، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ إلَى صَوْبِ يَمِينِهِ قَدْرَ ذِرَاعٍ فَيُسَلِّمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّ رَأْسَهُ عِنْدَ مَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَتَأَخَّرُ قَدْرَ ذِرَاعٍ آخَرَ فَيُسَلِّمُ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كَانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ الشَّرِيفَ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَا بَكْرٍ، السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَتَاهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى مَوْقِفِهِ الْأَوَّلِ قُبَالَةَ وَجْهِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَتَوَسَّلُ بِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَيَسْتَشْفِعَ بِهِ إلَى رَبِّهِ لِمَا رَوَى الْحَاكِمُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا اقْتَرَفَ آدَم الْخَطِيئَةَ قَالَ: يَا رَبِّ أَسْأَلُك بِحَقِّ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مَا غَفَرْتَ لِي، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَكَيْفَ عَرَفْت مُحَمَّدًا وَلَمْ أَخْلُقْهُ. قَالَ: يَا رَبِّ لِأَنَّك لَمَّا خَلَقْتَنِي وَنَفَخْت فِي مِنْ رُوحِك رَفَعْتُ رَأْسِي، فَرَأَيْتُ فِي قَوَائِمِ الْعَرْشِ مَكْتُوبًا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَعَرَفْت أَنَّك لَمْ تُضِفْ إلَى نَفْسِك إلَّا أَحَبَّ الْخَلْقِ إلَيْك، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى صَدَقْت يَا آدَم: إنَّهُ لَأَحَبُّ الْخَلْقِ إلَيَّ، إذْ سَأَلْتَنِي بِهِ فَقَدْ غَفَرْت لَك، وَلَوْلَا مُحَمَّدٌ مَا خَلَقْتُك» قَالَ الْحَاكِمُ هَذَا صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.

وَمِنْ أَحْسَنِ مَا يَقُولُهُ الزَّائِرُ بَعْدَ ذَلِكَ:

يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ بِالْقَاعِ أَعْظُمُهُ ... فَطَابَ مِنْ طِيبِهِنَّ الْقَاعُ وَالْأَكَمُ

رُوحِي الْفِدَاءُ لِقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ ... فِيهِ الْعَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُ وَالْكَرَمُ

أَنْتَ الْحَبِيبُ الَّذِي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ ... يَوْمَ الْحِسَابِ إذَا مَا زَلَّتْ الْقَدَمُ

ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ شَاءَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَيُسَنُّ أَنْ يَأْتِيَ سَائِرِ الْمُشَاهَدِ بِالْمَدِينَةِ، وَهِيَ نَحْوُ ثَلَاثِينَ مَوْضِعًا يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ. وَيُسَنُّ زِيَارَةُ الْبَقِيعِ وَقُبَاءَ، وَأَنْ يَأْتِيَ بِئْرَ أَرِيسٍ فَيَشْرَبَ مِنْهَا وَيَتَوَضَّأَ. وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْآبَارِ السَّبْعَةِ، وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فِي بَيْتٍ، فَقَالَ: الطَّوِيلُ

أَرِيسٌ وَغَرْسٌ رُومَةٌ وَبُضَاعَةٌ ... كَدَابِضَةٍ قُلْ بَيْرُحَاءَ مَعَ الْعِهْنِ

وَيَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ، فَالصَّلَاةُ فِيهِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ، وَلْيَحْذَرْ مِنْ الطَّوَافِ بِقَبْرِهِ، وَمِنْ الصَّلَاةِ دَاخِلَ الْحُجْرَةِ بِقَصْدِ تَعْظِيمِهِ. وَيُكْرَهُ إلْصَاقُ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ بِجِدَارِ الْقَبْرِ كَرَاهَةً شَدِيدَةً. وَيُكْرَهُ مَسْحُهُ بِالْيَدِ وَيُقَبِّلُهُ، بَلْ الْأَدَبُ أَنْ يَبْعُدَ عَنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ. وَيُسَنُّ أَنْ يَصُومَ بِالْمَدِينَةِ مَا أَمْكَنَهُ، وَأَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى جِيرَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُقِيمِينَ وَالْغُرَبَاءِ بِمَا أَمْكَنَهُ. وَإِذَا أَرَادَ السَّفَرَ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُوَدِّعَ الْمَسْجِدَ بِرَكْعَتَيْنِ، وَيَأْتِيَ الْقَبْرَ الشَّرِيفَ، وَيُعِيدَ السَّلَامَ الْأَوَّلَ، وَيَقُولَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَسِّرْ لِي الْعَوْدَ إلَى الْحَرَمَيْنِ سَبِيلًا سَهْلًا؛ وَارْزُقْنِي الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ، وَرُدَّنَا إلَى أَهْلِنَا سَالِمِينَ غَانِمِينَ، وَيَنْصَرِفُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَلَا يَمْشِي الْقَهْقَرَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>