إلَّا لِحَاجَةٍ، وَلُبْسُ الْمَخِيطِ أَوْ الْمَنْسُوجِ أَوْ الْمَعْقُودِ فِي سَائِرِ بَدَنِهِ إلَّا إذَا
ــ
[مغني المحتاج]
رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» بِخِلَافِ مَا لَا يُعَدُّ سَاتِرًا كَاسْتِظْلَالٍ بِمَحْمَلٍ وَإِنْ مَسَّهُ وَكَحَمْلِ قُفَّةٍ أَوْ عِدْلٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ سَتْرٍ بِذَلِكَ فَإِنْ قَصَدَ بِحَمْلِ الْقُفَّةِ وَنَحْوِهَا السِّتْرَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ كَانْغِمَاسِهِ فِي مَاءٍ وَلَوْ كَدِرًا وَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ بِكَفِّهِ أَوْ كَفِّ غَيْرِهِ وَشَدِّهِ بِخَيْطٍ، وَلَوْ غَطَّى رَأْسَهُ بِثَوْبٍ تَبْدُو الْبَشَرَةُ مِنْ وَرَائِهِ، فَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ وَأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ إلْحَاقُهُ بِوَضْعِ الزِّنْبِيلِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ سَاتِرًا هُنَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ (إلَّا) سَتْرَ بَعْضِ رَأْسِ الرَّجُلِ أَوْ كُلِّهِ (لِحَاجَةٍ) مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مُدَاوَاةٍ كَأَنْ جُرِحَ رَأْسُهُ فَشَدَّ عَلَيْهِ خِرْقَةً فَيَجُوزُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] [الْحَجَّ] لَكِنْ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ قِيَاسًا عَلَى الْحَلْقِ بِسَبَبِ الْأَذَى
تَنْبِيهٌ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ: إلَّا لِحَاجَةِ مُدَاوَاةٍ لِأَنَّهَا أَخْصَرُ وَأَحْصَرُ (وَ) يَحْرُمُ عَلَيْهِ (لُبْسُ الْمَخِيطِ) كَقَمِيصٍ وَقَبَاءٍ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ وَخَرِيطَةٍ لِخِضَابِ لِحْيَتِهِ وَقُفَّازٍ وَسَرَاوِيلَ وَتُبَّانٍ وَخُفٍّ (أَوْ الْمَنْسُوجِ) كَدِرْعٍ (أَوْ الْمَعْقُودِ) كَجُبَّةِ لَبْدٍ (فِي سَائِرِ) أَيْ جَمِيعِ أَجْزَاءِ (بَدَنِهِ) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ أَوَّلَ الْبَابِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي اللُّبْسِ الْعَادَةُ فِي كُلِّ مَلْبُوسٍ إذْ بِهِ يَحْصُلُ التَّرَفُّهُ فَلَوْ ارْتَدَى بِالْقَمِيصِ أَوْ الْقَبَاءِ أَوْ الْتَحَفَ بِهِمَا أَوْ اتَّزَرَ بِالسَّرَاوِيلِ فَلَا فِدْيَةَ كَمَا لَوْ اتَّزَرَ بِإِزَارٍ لَفَقَهُ مِنْ رِقَاعٍ أَوْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ سَاقَيْ الْخُفِّ، وَلَوْ أَلْقَى عَلَى نَفْسِهِ قَبَاءً أَوْ فَرْجِيَّةً وَهُوَ مُضْطَجِعٌ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ لَمْ يَسْتَمْسِكْ عَلَيْهِ إلَّا بِمَزِيدِ أَمْرٍ لَمْ تَلْزَمْهُ الْفِدْيَةُ، وَلَوْ زَرَّ الْإِزَارَ أَوْ خَاطَهُ حَرُمَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ إزَارَهُ لَا رِدَاءَهُ، وَأَنْ يَشُدَّ عَلَيْهِ خَيْطًا لِيَثْبُتَ وَأَنْ يَجْعَلَهُ مِثْلَ الْحُجْزَةِ وَيُدْخِلَ فِيهِ التِّكَّةَ إحْكَامًا، وَلَهُ تَقْلِيدُ السَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ وَشَدِّ الْمِنْطَقَةِ وَالْهِمْيَانِ عَلَى وَسَطِهِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَلَهُ أَنْ يَلُفَّ بِوَسَطِهِ عِمَامَةً وَلَا يَعْقِدُهَا، وَأَنْ يَلْبَسَ الْخَاتَمَ وَأَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي كُمِّ قَمِيصٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ، وَأَنْ يَغْرِزَ طَرَفَ رِدَائِهِ فِي إزَارِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ رِدَاءَهُ وَلَا أَنْ يُخَلِّلَهُ بِنَحْوِ مِسَلَّةٍ. وَلَا يَرْبِطُ طَرَفَهُ بِطَرَفِهِ الْآخَرِ بِخَيْطٍ، وَلَوْ اتَّخَذَ لَهُ شَرَجًا وَعُرًى وَرَبَطَ الشَّرَجَ بِالْعُرَى حَرُمَ عَلَيْهِ وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ.
فَائِدَةٌ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَالْحِكْمَةُ فِي تَحْرِيمِ لُبْسِ الْمَخِيطِ وَغَيْرِهِ مِمَّا مُنِعَ مِنْهُ الْمُحْرِمُ أَنْ يَخْرُجَ الْإِنْسَانُ عَنْ عَادَتِهِ فَيَكُونَ ذَلِكَ مُذَكِّرًا لَهُ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ فَيَشْتَغِلَ بِهَا.
تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى سَائِرٍ فِي آخِرِ خُطْبَةِ الْكِتَابِ هَلْ هُوَ بِمَعْنَى بَاقِي أَوْ جَمِيعٍ؟ قِيلَ: وَلَا يَصِحُّ هُنَا أَنْ يُسْتَعْمَلَ بِمَعْنَى بَاقِي فَإِنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ حُكْمُ شَيْءٍ مِنْ الْبَدَنِ حَتَّى يَكُونَ هَذَا حُكْمَ بَاقِيهِ فَإِنَّ الرَّأْسَ قَسِيمُ الْبَدَنِ لَا بَعْضُهُ؛ وَلِذَلِكَ قُدِّرَتْ جَمِيعٌ فِي كَلَامِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَخَرِيطَةُ اللِّحْيَةِ لَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ اللِّحْيَةَ لَا تَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْبَدَنِ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ الْوَجْهَ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ سَتْرُهُ عَلَى الرَّجُلِ عِنْدَنَا. قَالَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ رُوِيَ فِعْلُهُ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَكِنْ يَبْقَى شَيْئًا لِيَسْتَوْعِبَ الرَّأْسَ بِالْكَشْفِ (إلَّا إذَا) كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute