لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَوَجْهُ الْمَرْأَةِ كَرَأْسِهِ وَلَهَا لُبْسُ الْمَخِيطِ إلَّا الْقُفَّازَ فِي الْأَظْهَر
ــ
[مغني المحتاج]
لُبْسُهُ لِحَاجَةٍ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ فَيَجُوزُ مَعَ الْفِدْيَةِ، أَوْ (لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) أَيْ الْمَخِيطِ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ لَهُ مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ وَلَهُ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ الَّتِي لَا يَتَأَتَّى الِاتِّزَارُ بِهَا عِنْدَ فَقْدِ الْإِزَارِ، وَلُبْسُ مَدَاسٍ - أَيْ مُكَعَّبٍ - وَهُوَ مَا يُسَمَّى بالسُّرْمُوزَةِ وَالزُّرْبُولِ الَّذِي لَا يَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ، وَكَذَا لُبْسُ خُفٍّ إنْ قَطَعَ أَسْفَلَ كَعْبِهِ وَإِنْ سَتَرَ ظَهْرَ الْقَدَمَيْنِ فِيهِمَا بِبَاقِيهِمَا عِنْدَ فَقْدِ النَّعْلَيْنِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمُرَادُ بِالنَّعْلِ التَّاسُومَةُ، وَيَلْتَحِقُ بِهِ الْقَبْقَابُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَخِيطٍ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِي جَوَازِ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ قَطْعَهُ فِيمَا جَاوَزَ الْعَوْرَةَ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَعَلَّلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُجُوبِ قَطْعِ الْخُفِّ عِنْدَ فَقْدِ النَّعْلِ مُشْكِلٌ، لَكِنْ وَرَدَ النَّصُّ بِذَلِكَ. نَعَمْ يُتَّجَهُ عَدَمُ جَوَازِ قَطْعِ الْخُفِّ إذَا وُجِدَ الْمُكَعَّبُ، وَلَا يَجُوزُ لُبْسُ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ وَالْمَدَاسِ مَعَ وُجُودِ النَّعْلَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ أَمَّا الْمَدَاسُ الْمَعْرُوفُ الْآنَ، فَهَذَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحِيطًا بِالْقَدَمِ؟ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي مَنَاسِكِهِ يَحْرُمُ لُبْسُ الْمَدَاسِ، الْمُرَادُ بِهِ الْمُكَعَّبُ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا لَبِسَ السَّرَاوِيلَ لِلْحَاجَةِ ثُمَّ وَجَدَ الْإِزَارَ أَوْ الْخُفَّ ثُمَّ وَجَدَ النَّعْلَ لَزِمَهُ نَزْعُهُ فِي الْحَالِ فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ أَثِمَ وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِالسَّرَاوِيلِ إزَارًا مُتَسَاوِيَ الْقِيمَةِ، فَالصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وُجُوبُهُ إنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ تَبْدُو فِيهِ عَوْرَتُهُ وَإِلَّا فَلَا.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اللُّبْسُ لِحَاجَةِ الْبَرْدِ وَالْمُدَاوَاةِ، وَلَيْسَ مُرَادًا إذْ الْمَنْقُولُ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا الْجَوَازُ، لَكِنْ مَعَ الْفِدْيَةِ كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ، فَلَوْ عَبَّرَ بِالْحَاجَةِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّأْسِ لَكَانَ أَوْلَى، وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ بَيْنَ الْبَالِغِ وَالصَّبِيِّ إلَّا أَنَّ الْإِثْمَ يَخْتَصُّ بِالْمُكَلَّفِ، وَيَأْثَمُ الْوَلِيُّ إذْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ طُولِ زَمَنِ اللُّبْسِ وَقِصَرِهِ (وَوَجْهُ الْمَرْأَةِ) وَلَوْ أَمَةً كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (كَرَأْسِهِ) أَيْ الرَّجُلِ فِي حُرْمَةِ السِّتْرِ لِوَجْهِهَا أَوْ بَعْضِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ فَيَجُوزُ مَعَ الْفِدْيَةِ، وَعَلَى الْحُرَّةِ أَنْ تَسْتُرَ مِنْهُ مَا لَا يَتَأَتَّى سَتْرُ جَمِيعِ رَأْسِهَا إلَّا بِهِ احْتِيَاطًا لِلرَّأْسِ إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُ سَتْرِهِ إلَّا بِسَتْرِ قَدْرٍ يَسِيرٍ مِمَّا يَلِيهِ مِنْ الْوَجْهِ، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى سَتْرِهِ بِكَمَالِهِ لِكَوْنِهِ عَوْرَةً أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى كَشْفِ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الْوَجْهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَسْتُرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَأْسَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ الْمَجْمُوعِ مَا ذُكِرَ فِي إحْرَامِ الْمَرْأَةِ وَلُبْسِهَا لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ: وَشَذَّ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فَحَكَى وَجْهًا أَنَّ الْأَمَةَ كَالرَّجُلِ وَوَجْهَيْنِ فِي الْمُبَعَّضَةِ هَلْ هِيَ كَالْأَمَةِ أَوْ كَالْحُرَّةِ اهـ.
فَإِنْ أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ سَتْرَ وَجْهِهَا عَنْ النَّاسِ أَرْخَتْ عَلَيْهِ مَا يَسْتُرُهُ بِنَحْوِ ثَوْبٍ مُتَجَافٍ عَنْهُ بِنَحْوِ خَشَبَةٍ بِحَيْثُ لَا يَقَعُ عَلَى الْبَشَرَةِ وَسَوَاءٌ أَفَعَلَتْهُ لِحَاجَةٍ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ أَمْ لَا، كَمَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ سَتْرُ رَأْسِهِ بِنَحْوِ مِظَلَّةٍ، فَلَوْ وَقَعَتْ الْخَشَبَةُ مَثَلًا فَأَصَابَ الثَّوْبُ وَجْهَهَا بِلَا اخْتِيَارٍ مِنْهَا فَرَفَعَتْهُ فَوْرًا لَمْ تَلْزَمْهَا الْفِدْيَةُ وَإِلَّا لَزِمَتْهَا مَعَ الْإِثْمِ (وَلَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (لُبْسُ الْمَخِيطِ) وَغَيْرِهِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ (إلَّا الْقُفَّازَ) فَلَيْسَ لَهَا سَتْرُ الْكَفَّيْنِ وَلَا أَحَدِهِمَا بِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِلْحَدِيثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute