للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: استعمال الطيب في ثوبه أو بدنه.

ــ

[مغني المحتاج]

الْمُتَقَدِّمِ، وَلِأَنَّ الْقُفَّازَ مَلْبُوسُ عُضْوٍ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ فِي الصَّلَاةِ فَأَشْبَهَ خُفَّ الرَّجُلِ وَخَرِيطَةَ لِحْيَتِهِ، وَالثَّانِي يَجُوزُ لَهَا لُبْسُهُمَا، لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بَنَاتِهِ بِلُبْسِهِمَا فِي الْإِحْرَامِ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْقُفَّازُ: شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ يُحْشَى بِقُطْنٍ وَيَكُونُ لَهُ أَزْرَارٌ تُزَرُّ عَلَى السَّاعِدَيْنِ مِنْ الْبَرْدِ تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ فِي يَدَيْهَا، وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ مَا يَشْمَلُ الْمَحْشُوَّ وَغَيْرَهُ، وَيَجُوزُ لَهَا سَتْرُ الْكَفَّيْنِ بِغَيْرِ الْقُفَّازِ كَكُمٍّ وَخِرْقَةٍ تَلُفُّهَا عَلَيْهِمَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، سَوَاءٌ أَخَضَبَتْهُمَا أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ الْقُفَّازَيْنِ عَلَيْهَا مَا مَرَّ آنِفًا، وَيَحْرُمُ عَلَى الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ سَتْرُ وَجْهِهِ مَعَ رَأْسِهِ وَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ، وَلَيْسَ لَهُ سَتْرُ وَجْهِهِ مَعَ كَشْفِ رَأْسِهِ خِلَافًا لِمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا لَا نُوجِبُهَا بِالشَّكِّ، نَعَمْ لَوْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْأَجَانِبِ جَازَ لَهُ كَشْفُ رَأْسِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَسْتَتِرَ بِالْمَخِيطِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ رَجُلًا وَيُمْكِنُهُ سَتْرُهُ بِغَيْرِهِ هَكَذَا ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَا خِلَافَ أَنَّا نَأْمُرُهُ بِالسَّتْرِ وَلُبْسِ الْمَخِيطِ كَمَا نَأْمُرُهُ أَنْ يَسْتَتِرَ فِي صَلَاتِهِ كَالْمَرْأَةِ، وَفِي أَحْكَامِ الْخَنَاثَى لِابْنِ الْمُسْلِمِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتُرَ رَأْسَهُ وَأَنْ يَكْشِفَ وَجْهَهُ وَأَنْ يَسْتُرَ بَدَنَهُ إلَّا بِالْمَخِيطِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ احْتِيَاطًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَالْإِسْنَوِيِّ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ اهـ. وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمُوعِ.

(الثَّانِي) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ (اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ) لِلْمُحْرِمِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ أَخْشَمَ بِمَا يُقْصَدُ مِنْهُ رَائِحَتَهُ غَالِبًا وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَالْمِسْكِ وَالْعُودِ وَالْكَافُورِ وَالْوَرْسِ وَهُوَ أَشْهُرُ طِيبٍ بِبِلَادِ الْيَمَنِ وَالزَّعْفَرَانِ وَإِنْ كَانَ يُطْلَبُ لِلصَّبْغِ وَالتَّدَاوِي أَيْضًا (فِي) مَلْبُوسِهِ مِنْ (ثَوْبِهِ) أَوْ غَيْرِهِ كَخُفٍّ أَوْ نَعْلٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمَارِّ «وَلَا يَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ مَا مَسَّهُ وَرْسٌ أَوْ زَعْفَرَانٌ» وَالْوَرْسُ طِيبٌ. وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَلْبُوسِهِ بَدَلَ ثَوْبِهِ لَكَانَ أَوْلَى وَاسْتَغْنَى عَمَّا قَدَّرْته (أَوْ) فِي (بَدَنِهِ) قِيَاسًا عَلَى ثَوْبِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلَوْ بَاطِنًا بِأَكْلٍ أَوْ اسْتِعَاطٍ أَوْ احْتِقَانٍ فَيَجِبُ مَعَ التَّحْرِيمِ فِي ذَلِكَ الْفِدْيَةُ وَبَعْضُ الْبَدَنِ كَكُلِّهِ وَأَدْرَجَ فِي الطِّيبِ مَا مُعْظَمُ الْغَرَضِ مِنْهُ رَائِحَتُهُ الطَّيِّبَةُ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسْمِينَ وَالْبَنَفْسَجِ وَالرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ، وَمَا اشْتَمَلَ عَلَى الطِّيبِ مِنْ الدُّهْنِ كَدُهْنِ الْوَرْدِ وَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ وَاسْتِعْمَالُهُ أَنْ يُلْصِقَ الطِّيبَ بِبَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ، فَلَوْ احْتَوَى عَلَى مِجْمَرَةٍ أَوْ حَمَلَ فَأْرَةً مَشْقُوقَةً أَوْ مَفْتُوحَةً أَوْ جَلَسَ أَوْ نَامَ عَلَى فِرَاشٍ أَوْ أَرْضٍ مُطَيَّبَةٍ أَوْ شَدَّ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ طِيبًا أَوْ جَعَلَهُ فِي جَيْبِهِ، أَوْ لَبِسَتْ الْمَرْأَةُ الْحُلِيَّ الْمَحْشُوَّ بِهِ حَرُمَ وَوَجَبَتْ الْفِدْيَةُ، لِأَنَّ ذَلِكَ تَطْيِيبٌ، وَلَوْ وَطِئَ بِنَعْلِهِ طِيبًا حَرُمَ إنْ تَعَلَّقَ بِهِ مِنْهُ شَيْءٌ وَالتَّطَيُّبُ بِالْوَرْدِ أَنْ يَشُمَّهُ مَعَ اتِّصَالِهِ بِأَنْفِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ، وَالتَّطَيُّبُ بِمَائِهِ أَنْ يَمَسَّهُ كَالْعَادَةِ بِأَنْ يَصُبَّهُ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ فَلَا يَكْفِي شَمُّهُ، وَلَوْ حَمَلَ مِسْكًا وَنَحْوَهُ فِي خِرْقَةٍ مَشْدُودَةٍ أَوْ فَأْرَةٍ غَيْرِ مَشْقُوقَةٍ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ شَمَّ الرِّيحَ لِوُجُودِ الْحَائِلِ.

وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الطِّيبَ فِي الْمُخَالِطِ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ رِيحٌ وَلَا طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ كَأَنْ اُسْتُعْمِلَ فِي دَوَاءٍ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ وَأَكْلُهُ وَلَا فِدْيَةَ وَإِنْ بَقِيَ الرِّيحُ فِيمَا اسْتَهْلَكَ ظَاهِرًا أَوْ خَفِيًّا يَظْهَرُ بِرَشِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ فَدَى، لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأَعْظَمَ مِنْ الطِّيبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>