للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ اللِّحْيَةِ، وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُ بَدَنِهِ وَرَأْسِهِ بِخَطْمِيٍّ.

ــ

[مغني المحتاج]

الرِّيحُ وَكَذَا لَوْ بَقِيَ الطَّعْمُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَقَاءِ الطِّيبِ، لَا إنْ بَقِيَ اللَّوْنُ فَقَطْ، لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الزِّينَةُ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْأَكْلُ أَوْ التَّدَاوِي وَإِنْ كَانَ لَهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ كَالتُّفَّاحِ وَالْأُتْرُجِّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيُقَالُ الْأُتْرُنْجُ وَالْقُرُنْفُلُ وَالدَّارَصِينِيُّ وَالسُّنْبُلُ وَسَائِرُ الْأَبَازِيرِ الطَّيِّبَةِ كَالْمُصْطَكَى لَمْ يَحْرُمْ وَلَمْ تَجِبْ فِيهِ فِدْيَةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْأَكْلُ أَوْ التَّدَاوِي، وَكَذَا مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ كَالشِّيحِ وَالْإِذْخِرِ وَالْخَزَامَى، لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ طِيبًا، وَلَا فِدْيَةَ بِالْعُصْفُرِ وَالْحِنَّاءِ وَإِنْ كَانَ لَهُمَا رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ لَوْنُهُ وَلَوْ مَسَّ طِيبًا يَابِسًا كَمِسْكٍ وَكَافُورٍ فَلَزِقَ بِهِ رِيحُهُ لَا عَيْنُهُ أَوْ حَمَلَ الْعُودَ أَوْ أَكَلَهُ لَمْ يَحْرُمْ، وَيُعْتَبَرُ مَعَ مَا ذُكِرَ الْعَقْلُ إلَّا السَّكْرَانُ وَالِاخْتِيَارُ وَالْعِلْمُ بِالتَّحْرِيمِ وَالْإِحْرَامِ وَبِأَنَّ الْمَلْمُوسَ طِيبٌ يَعْلَقُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُطَيَّبِ النَّاسِي لِلْإِحْرَامِ وَلَا الْمُكْرَهِ وَلَا الْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ أَوْ بِكَوْنِ الْمَلْمُوسِ طِيبًا أَوْ رَطْبًا لِعُذْرِهِ بِخِلَافِ الْجَاهِلِ بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فَقَطْ دُونَ التَّحْرِيمِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ كَانَ مِنْ حَقِّهِ الِامْتِنَاعُ، فَإِنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ بَعْدَ لُبْسِهِ جَاهِلًا بِهِ وَأَخَّرَ إزَالَتَهُ مَعَ إمْكَانِهَا فَدَى وَأَثِمَ وَلَوْ طَيَّبَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ عَلَيْهِ طِيبًا فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى مَنْ طَيَّبَهُ، لَكِنْ تَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْإِزَالَةِ عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ.

(وَدَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ) لَهُ (أَوْ اللِّحْيَةِ) وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ كَمَا قَالَ الْقَاضِي بِدُهْنٍ، وَلَوْ غَيْرَ مُطَيِّبٍ كَزَيْتٍ وَشَمْعٍ مُذَابٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّزْيِينِ الْمُنَافِي لِحَالِ الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ أَشْعَثُ أَغْبَرُ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي فَيَحْرُمُ: أَيْ الدُّهْنُ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الشَّعْرِ بَيْنَ الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ وَلَوْ وَاحِدَةً، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَلَوْ كَانَ شَعْرُ الرَّأْسِ أَوْ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَزْيِينِ الشَّعْرِ وَتَنْمِيَتِهِ بِخِلَافِ رَأْسِ الْأَقْرَعِ وَالْأَصْلَعِ وَذَقَنِ الْأَمْرَدِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى، فَإِنْ قِيلَ يُشْكِلُ هَذَا بِحُرْمَةِ الطِّيبِ عَلَى الْأَخْشَمِ كَمَا مَرَّ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى هُنَا مُنْتَفٍ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ التَّرَفُّهُ بِالطِّيبِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالتَّطَيُّبِ وَإِنْ كَانَ الْمُطَيَّبُ أَخْشَمَ، وَلَهُ دَهْنُ بَدَنِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَسَائِرِ شَعْرِهِ بِذَلِكَ وَأَكْلُهُ وَجَعْلُهُ فِي شَيْءٍ وَلَوْ بِرَأْسِهِ، وَأَلْحَقَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ بِشَعْرِ اللِّحْيَةِ شَعْرَ الْوَجْهِ كَحَاجِبٍ وَشَارِبٍ وَعَنْفَقَةٍ. وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الْقِيَاسُ، وَقَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ التَّحْرِيمُ ظَاهِرٌ فِيمَا اتَّصَلَ بِاللِّحْيَةِ كَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَالْعَذَارِ. وَأَمَّا الْحَاجِبُ وَالْهَدِبُ وَمَا عَلَى الْجَبْهَةِ: أَيْ وَالْخَدِّ فَفِيهِ بُعْدٌ اهـ.

وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُتَزَيَّنُ بِهِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ دَهْنُ الْحَلَالِ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْحَلْقِ.

تَنْبِيهٌ: لَا يَحْسُنُ إدْرَاجُ هَذَا فِي قِسْمِ الطِّيبِ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الطِّيبِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ، وَقَدْ جَعَلَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قِسْمًا مُسْتَقِلًّا، لَكِنَّ الْمُحَرَّرَ أَدْخَلَهُ فِي نَوْعِ الطِّيبِ لِتَقَارُبِهِمَا فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُمَا تَرَفُّهٌ وَلَيْسَ فِيهِمَا إزَالَةُ عَيْنٍ، وَقَوْلُهُ: دَهْنُ: هُوَ بِفَتْحِ الدَّالِ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّدْهِينِ، وَتَعْبِيرُهُ بِأَوْ يُفِيدُ التَّنْصِيصَ عَلَى تَحْرِيمِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ (وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُ بَدَنِهِ وَرَأْسِهِ بِخَطْمِيٍّ) وَنَحْوِهِ كَسِدْرٍ مِنْ غَيْرِ نَتْفِ شَعْرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِإِزَالَةِ الْوَسَخِ لَا لِلتَّزَيُّنِ وَالتَّنْمِيَةِ لَكِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>