للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَامِسُ: اصْطِيَادُ كُلِّ مَأْكُولٍ بَرِّيٍّ. قُلْت: وَكَذَا الْمُتَوَلَّدُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَيَحْرُمُ ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ عَلَى الْحَلَالِ، فَإِنْ أَتْلَفَ صَيْدًا ضَمِنَهُ.

ــ

[مغني المحتاج]

نُسُكَهُ لَزِمَهُ بَدَنَةٌ وَاحِدَةٌ لِانْغِمَارِ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ وَلَزِمَهُ دَمٌ لِلْقِرَانِ الَّذِي أَفْسَدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِالشُّرُوعِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْإِفْسَادِ، وَلَزِمَهُ دَمٌ آخَرُ لِلْقِرَانِ الَّذِي الْتَزَمَهُ بِالْإِفْسَادِ فِي الْقَضَاءِ، وَلَوْ أَفْرَدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْإِفْرَادِ، وَلَوْ فَاتَ الْقَارِنُ الْحَجَّ لِفَوَاتِ الْوُقُوفِ فَاتَتْ الْعُمْرَةُ تَبَعًا لَهُ وَلَزِمَهُ دَمَانِ: دَمٌ لِلْفَوَاتِ وَدَمٌ لِأَجْلِ الْقِرَانِ، وَفِي الْقَضَاءِ دَمٌ ثَالِثٌ. وَلَوْ ارْتَدَّ فِي أَثْنَاءِ نُسُكِهِ فَسَدَ إحْرَامُهُ فَيَفْسُدُ نُسُكُهُ كَصَوْمِهِ وَصَلَاتِهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَمْضِي فِيهِ. وَإِنْ أَسْلَمَ لِعَدَمِ وُرُودِ شَيْءٍ فِيهِمَا بِخِلَافِ الْجِمَاعِ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَفْسَدَ بِهِ نُسُكَهُ لَمْ يُفْسِدْ بِهِ إحْرَامَهُ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ كَمَا مَرَّ.

(الْخَامِسُ) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ (اصْطِيَادُ كُلِّ) صَيْدٍ (مَأْكُولٍ بَرِّيٍّ) وَحْشِيٍّ كَبَقَرِ وَحْشٍ وَدَجَاجَةٍ وَحَمَامَةٍ (قُلْت: وَكَذَا الْمُتَوَلَّدُ مِنْهُ) أَيْ الْمَأْكُولِ الْبَرِّيِّ الْوَحْشِيِّ (وَمِنْ غَيْرِهِ) كَمُتَوَلَّدٍ بَيْنَ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ وَحِمَارٍ أَهْلِيٍّ أَوْ بَيْنَ شَاةٍ وَظَبْيٍ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [المائدة: ٩٦] أَيْ أَخْذُهُ {مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦] . وَأَمَّا الثَّانِي فَلِلِاحْتِيَاطِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي الْمُتَوَلَّدِ بَيْنَ زَكَوِيٍّ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْمُوَاسَاةِ، وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا تَوَلَّدَ بَيْنَ وَحْشِيٍّ غَيْرِ مَأْكُولٍ وَإِنْسِيٍّ مَأْكُولٍ كَالْمُتَوَلَّدِ بَيْنَ ذِئْبٍ وَشَاةٍ، وَمَا تَوَلَّدَ بَيْنَ غَيْرِ مَأْكُولَيْنِ: أَحَدُهُمَا وَحْشِيٌّ كَالْمُتَوَلَّدِ بَيْنَ حِمَارٍ وَذِئْبٍ، وَمَا تَوَلَّدَ بَيْنَ أَهْلِيَّيْنِ أَحَدُهُمَا غَيْرُ مَأْكُولٍ كَالْبَغْلِ فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْهَا (وَ) حِينَئِذٍ (يَحْرُمُ ذَلِكَ) أَيْ اصْطِيَادُ الْمَأْكُولِ الْبَرِّيِّ وَالْمُتَوَلَّدِ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ (فِي الْحَرَمِ عَلَى الْحَلَالِ) بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا مُلْتَزِمَ الْأَحْكَامِ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ قَالَ: «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

أَيْ لَا يَجُوزُ تَنْفِيرُ صَيْدِهِ لِمُحْرِمٍ وَلَا حَلَالٍ فَغَيْرُ التَّنْفِيرِ أَوْلَى، وَقِيسَ بِمَكَّةَ بَاقِي الْحَرَمِ (فَإِنْ أَتْلَفَ) مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ (صَيْدًا) مِمَّا ذُكِرَ مَمْلُوكًا أَوْ غَيْرَ مَمْلُوكٍ (ضَمِنَهُ) بِمَا يَأْتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: ٩٥] ، وَقِيسَ بِالْمُحْرِمِ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ الْآتِي ذِكْرُهُ بِجَامِعِ حُرْمَةِ التَّعَرُّضِ فَيَضْمَنُ سَائِرَ أَجْزَائِهِ كَشَعْرٍ وَرِيشٍ بِالْقِيمَةِ وَكَذَا لَبَنُهُ، وَيَضْمَنُ أَيْضًا مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ وَلَوْ وَدِيعَةً كَالْغَاصِبِ لِحُرْمَةِ إمْسَاكِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدْخَلَ الْحَلَالُ مَعَهُ إلَى الْحَرَمِ صَيْدًا مَمْلُوكًا لَهُ لَا يَضْمَنُهُ بَلْ لَهُ إمْسَاكُهُ فِيهِ وَذَبْحُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ لِأَنَّهُ صَيْدٌ حَلَّ.

وَلَوْ دَلَّ الْمُحْرِمُ آخَرَ عَلَى صَيْدٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حِفْظَهُ أَوْ فِي يَدِهِ وَالْقَاتِلُ حَلَالٌ ضَمِنَ الْمُحْرِمُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ حِفْظَهُ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَصَارَ كَالْمُودَعِ إذَا دَلَّ سَارِقًا عَلَى الْوَدِيعَةِ، وَلَوْ رَمَى صَيْدًا قَبْلَ إحْرَامِهِ فَأَصَابَهُ بَعْدَهُ أَوْ عَكَسَ ضَمِنَ تَغْلِيبًا الْإِحْرَامِ فِيهِمَا، وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا لَوْ رَمَى إلَى مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ ثُمَّ أَصَابَهُ فَقُتِلَ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِمَا أَحْدَثَهُ مِنْ إهْدَارِهِ، وَلَوْ نَصَبَ نَحْوَ شَبَكَةٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَ مَا وَقَعَ فِيهَا وَتَلِفَ، سَوَاءٌ أَنَصَبَهَا فِي مِلْكِهِ أَمْ فِي غَيْرِهِ وَوَقَعَ الصَّيْدُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ أَمْ بَعْدَهُ أَمْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَوْ نَصَبَهَا لِلْخَوْفِ عَلَيْهَا مِنْ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>