. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[مغني المحتاج]
لَمْ يَضْمَنْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، وَلَوْ نَصَبَهَا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ وَهُوَ حَلَالٌ ثُمَّ أَحْرَمَ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ أَرْسَلَ الْمُحْرِمُ كَلْبًا أَوْ حَلَّ رِبَاطَهُ وَالصَّيْدُ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ ثُمَّ ظَهَرَ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ كَحَلَالٍ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ، وَكَذَا لَوْ انْحَلَّ بِتَقْصِيرِهِ، وَلَوْ رَمَى صَيْدًا فَنَفَذَ مِنْهُ إلَى صَيْدٍ آخَرَ فَقَتَلَهُمَا ضَمِنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الضَّمَانِ بَيْنَ الْعَامِدِ وَالْخَاطِئِ وَالْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ وَالنَّاسِي لِلْإِحْرَامِ، وَالتَّعَمُّدُ فِي الْآيَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ. .
لَكِنْ. يُسْتَثْنَى مِنْ الضَّمَانِ مَسَائِلُ: مِنْهَا مَا لَوْ بَاضَ حَمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ فِي فِرَاشِهِ أَوْ نَحْوِهِ وَفَرَّخَ وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ إلَّا بِالتَّعَرُّضِ لَهُ فَفَسَدَ بِذَلِكَ، وَمِنْهَا مَا لَوْ انْقَلَبَ عَلَيْهِ فِي نَوْمِهِ فَأَفْسَدَهُ، أَوْ جُنَّ فَقَتَلَ صَيْدًا. فَإِنْ قِيلَ هَذَا إتْلَافٌ وَالْمَجْنُونُ فِيهِ كَالْعَاقِلِ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إتْلَافًا فَهُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَفُرِّقَ فِيهِ بَيْنَ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيزِ وَغَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَلْقِ الشَّعْرِ، وَيَأْتِي أَيْضًا مَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ، وَمِنْهَا مَا لَوْ أَخَذَ الصَّيْدَ تَخْلِيصًا مِنْ سَبُعٍ أَوْ مُدَاوِيًا لَهُ أَوْ لِيَتَعَهَّدَهُ فَمَاتَ فِي يَدِهِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ صَالَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا فَلَا ضَمَانَ فِي الْجَمِيعِ، وَلَوْ اُضْطُرَّ الْمُحْرِمُ وَأَكَلَ الصَّيْدَ بَعْدَ ذَبْحِهِ ضَمِنَ، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ الْمُحْرِمُ عَلَى قَتْلِهِ ضَمِنَهُ وَيَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ لَهُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَرَمِ حَالٌ مِنْ ذَا الْمُشَارِ بِهِ إلَى الِاصْطِيَادِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّائِدِ، وَالصَّيْدُ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ فِي الْحَرَمِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِيهِ، وَالْآخَرُ فِي الْحِلِّ: كَأَنْ رَمَى مِنْ الْحَرَمِ صَيْدًا فِي الْحِلِّ أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا فِي الصُّورَتَيْنِ فَيَضْمَنُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، أَوْ رَمَى صَيْدًا مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحِلِّ فَاعْتَرَضَ السَّهْمُ الْحَرَمَ ضَمِنَ، وَفِي مِثْلِهِ فِي إرْسَالِ الْكَلْبِ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّيْدِ مَهْرَبٌ إلَّا بِالدُّخُولِ فِي الْحَرَمِ، وَلَوْ أَرْسَلَ الْكَلْبَ فِي الْحِلِّ إلَى الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ فَدَخَلَ الْحَرَمَ فَقَتَلَهُ فِيهِ أَوْ قَتَلَ فِيهِ صَيْدًا غَيْرَهُ لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ نَظِيرِهِمَا فِي السَّهْمِ، وَلَوْ رَمَى صَيْدًا بَعْضُ قَوَائِمِهِ فِي الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ، وَلَوْ سَعَى الصَّيْدُ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ فَقَتَلَهُ الْحَلَالُ، أَوْ سَعَى مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحِلِّ وَلَكِنْ سَلَكَ فِي أَثْنَاءِ سَعْيِهِ الْحَرَمَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ قَطْعًا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ ذَبَحَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ أَوْ الْحَلَالُ صَيْدَ الْحَرَمِ صَارَ مَيْتَةً وَحَرُمَ عَلَيْهِ أَكْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَلِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ مَا أَعَانَ عَلَيْهِ فَمَا ذَبَحَهُ أَوْلَى، وَهَلْ يَتَأَبَّدُ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ أَوْ مُدَّةَ إحْرَامِهِ قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ لِلَّهِ تَعَالَى وَضَمِنَهُ لِمَالِكِهِ، وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ حَلَالًا كَانَ أَوْ مُحْرِمًا؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الذَّبْحِ لِمَعْنًى فِيهِ كَالْمَجُوسِيِّ، وَلَوْ كَسَرَ الْمُحْرِمُ أَوْ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ بَيْضَ صَيْدٍ أَوْ قَتَلَ جَرَادًا كَذَلِكَ ضَمِنَهُ، وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي مَوْضِعٍ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ، وَلَوْ حَلَبَ لَبَنَ صَيْدٍ ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ، وَلَا يَمْلِكُ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَقَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِلْكَهُ يَزُولُ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ مَنْ يَمْنَعُ مِنْ إدَامَةِ الْمِلْكِ فَأَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ابْتِدَائِهِ " وَلِأَنَّهُ أُهْدِيَ إلَيْهِ حِمَارُ وَحْشٍ فَرَدَّهُ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِ الْمُهْدِي، فَقَالَ: إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلَّا أَنَّا حُرُمٌ " فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ فَإِنْ قَبَضَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ لَا هِبَةٍ وَأَرْسَلَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْمَالِكِ وَسَقَطَ الْجَزَاءُ بِخِلَافِهِ فِي الْهِبَةِ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute