للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ، وَفِي بَقَرِ الْوَحْشِ،

ــ

[مغني المحتاج]

ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي الضَّمَانِ وَالْهِبَةِ غَيْرِ الْمَضْمُونَةِ.

وَإِنْ رَدَّهُ لِمَالِكِهِ سَقَطَتْ الْقِيمَةُ لَا الْجَزَاءُ مَا لَمْ يُرْسِلْ وَيَمْلِكُهُ بِالْإِرْثِ وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ إلَّا بِإِرْسَالِهِ كَمَا صَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الْمَجْمُوعِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا؛ وَيَجِبُ إرْسَالُهُ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ، فَلَوْ بَاعَهُ صَحَّ وَضَمِنَ الْجَزَاءَ مَا لَمْ يُرْسِلْ حَتَّى لَوْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَزِمَ الْبَائِعَ الْجَزَاءُ. وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ صَيْدٌ فَأَحْرَمَ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَزِمَهُ إرْسَالُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلدَّوَامِ فَتَحْرُمُ اسْتَدَامَتْهُ كَاللِّبَاسِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، فَلَوْ لَمْ يُرْسِلْهُ حَتَّى تَحَلَّلَ لَزِمَهُ إرْسَالُهُ، إذْ لَا يَرْتَفِعُ اللُّزُومُ بِالتَّعَدِّي، بِخِلَافِ مَنْ أَمْسَكَ خَمْرًا غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ حَتَّى تَخَلَّلَتْ لَا يَلْزَمُهُ إرَاقَتُهَا، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْخَمْرَةَ انْتَقَلَتْ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ. فَإِنْ قِيلَ: هَلَّا كَانَ تَحَلُّلُهُ كَإِسْلَامِ الْكَافِرِ بَعْدَ أَنْ مَلَكَ عَبْدًا مُسْلِمًا حَيْثُ لَا يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ. .

أُجِيبَ بِأَنَّ الْإِحْرَامَ أَضْيَقُ مِنْ ذَلِكَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُحْرِمِ اسْتِعَارَةُ الصَّيْدِ وَاسْتِيدَاعُهُ وَاسْتِئْجَارُهُ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ فِي الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، وَإِذَا زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ لَا غُرْمَ إذَا قَتَلَ أَوْ أَرْسَلَهُ، وَمَنْ أَخَذَهُ وَلَوْ قَبْلَ إرْسَالِهِ وَلَيْسَ مُحْرِمًا مَلَكَهُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ لُزُومِ الْإِرْسَالِ صَارَ مُبَاحًا، وَلَوْ مَاتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ وَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إرْسَالِهِ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ إرْسَالُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ كَنَظِيرِهِ فِي إلْزَامِ الصَّلَاةِ لِمَنْ جُنَّ بَعْدَ مُضِيِّ مَا يَسَعُهَا مِنْ وَقْتِهَا دُونَ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ فِعْلِهِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَلَا يَجِبُ إرْسَالُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ أَحْرَمَ أَحَدُ مَالِكَيْهِ تَعَذَّرَ إرْسَالُهُ فَيَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِ الصَّبِيِّ صَيْدٌ فَهَلْ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ إرْسَالُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ كَمَا يَغْرَمُ قِيمَةَ النَّفَقَةِ الزَّائِدَةِ بِالسَّفَرِ؟ فِيهِ احْتِمَالٌ اهـ.

وَيَنْبَغِي اللُّزُومُ. وَلَوْ حَفَرَ الْمُحْرِمُ بِئْرًا حَيْثُ كَانَ أَوْ حَفَرَهَا حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَأَهْلَكَ صَيْدًا نَظَرْت، فَإِنْ حَفَرَهَا عُدْوَانًا ضَمِنَ وَإِلَّا فَالْحَافِرُ فِي الْحَرَمِ فَقَطْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ لَا تَخْتَلِفُ، وَلَوْ اسْتَعَارَ حَلَالٌ صَيْدًا وَأَتْلَفَهُ مُحْرِمًا ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ لِمَالِكِهِ وَبِمِثْلِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي بَيْتَيْنِ، فَقَالَ:

عِنْدِي سُؤَالٌ حَسَنٌ مُسْتَظْرَفٌ ... فَرْعٌ عَلَى أَصْلَيْنِ قَدْ تَفَرَّعَا

قَابِضُ شَيْءٍ بِرِضَا مَالِكِهِ ... وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَالْمِثْلَ مَعَا.

وَلَوْ دَخَلَ كَافِرٌ الْحَرَمَ وَأَتْلَفَ صَيْدًا ضَمِنَهُ، وَقِيلَ: لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حُرْمَتُهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ كَالْمُسْلِمِ فِي كَيْفِيَّةِ الضَّمَانِ إلَّا فِي الصَّوْمِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّيْدَ ضَرْبَانِ: مَا لَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ فِي الصُّورَةِ وَالْخِلْقَةِ تَقْرِيبًا فَيَضْمَنُ بِهِ، وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ فَيَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَقْلٌ، وَمِنْ الْأَوَّلِ مَا فِيهِ نَقْلٌ بَعْضُهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعْضُهُ عَنْ السَّلَفِ فَيُتْبَعُ، وَقَدْ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ ذَلِكَ، فَقَالَ (فَفِي) إتْلَافِ (النَّعَامَةِ) بِفَتْحِ النُّونِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (بَدَنَةٌ) كَذَلِكَ فَلَا تُجْزِئُ بَقَرَةٌ وَلَا سَبْعُ شِيَاهٍ أَوْ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ يُرَاعَى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ (وَفِي) وَاحِدٍ مِنْ (بَقَرِ الْوَحْشِ، وَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>