للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ بِالْعَقْدِ كَالنُّطْقِ.

وَشَرْطُ الْعَاقِدِ الرُّشْدُ.

ــ

[مغني المحتاج]

لِي نِصْفَهَا صَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا نِصْفَهَا، وَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي بِمَعْنَى الْهِبَةِ: كَأَعْمَرْتُك أَوْ أَرْقَبْتُك كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّعْلِيقَةِ تَبَعًا لِأَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ الْهِبَةُ بِهَذَا اللَّفْظِ لِلنَّصِّ، وَلَوْ قَالَ: أَسْلَمْت إلَيْكَ كَذَا فِي هَذَا الثَّوْبِ مَثَلًا فَقَبِلَ لَمْ يَنْعَقِدْ بَيْعٌ وَلَا سَلَمًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ مَعْنَى الْبَيْعِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ، فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ أَصْلًا كَمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ أَوْ قَصَدَهُ لَا لِمَعْنَاهُ، كَمَنْ لَقَّنَ أَعْجَمِيًّا مَا لَا يَعْرِفُ مَدْلُولَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ. نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْبَيْعَ أَوْ غَيْرَهُ هَازِلًا صَحَّ كَمَا فِي الطَّلَاقِ.

(وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ) وَكِتَابَتُهُ (بِالْعَقْدِ كَالنُّطْقِ) لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى مَا فِي فُؤَادِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ النُّطْقُ مِنْ النَّاطِقِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ: مِنْ زِيَادَتِهِ بِالْعَقْدِ، بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهَا مَضَرَّةٌ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ وَالدَّعَاوَى وَالْأَقَارِيرَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ إشَارَتِهِ فِي الصَّلَاةِ وَبِالشَّهَادَةِ. وَفِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ أَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ النُّطْقِ، وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الطَّلَاقِ وَضَمَّ الْحِلَّ إلَى الْعَقْدِ، وَسَيَأْتِي فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ إشَارَتَهُ إنْ فَهِمَهَا الْفَطِنُ وَغَيْرُهُ فَصَرِيحَةٌ أَوْ الْفَطِنُ فَقَطْ فَكِنَايَةٌ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَيَحْتَاجُ الْمُصَنِّفُ أَنْ يَزِيدَ فِيهِ، فَيَقُولَ كَالنُّطْقِ فِيهِ وَإِلَّا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ قَبُولُ الْأَخْرَسِ الْبَيْعَ فِي الصَّلَاةِ كَقَبُولِ النُّطْقِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ. .

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي، وَهُوَ الْعَاقِدُ، وَقَدَّمَهُ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَتَقَدُّمِ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَفْعُولِ طَبْعًا، فَقَالَ: (وَشَرْطُ الْعَاقِدِ) بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا (الرُّشْدُ) وَهُوَ أَنْ يَتَّصِفَ بِالْبُلُوغِ وَالصَّلَاحِ لِدِينِهِ وَمَالِهِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَإِنْ قَصَدَ اخْتِبَارَهُ وَلَا مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَلَوْ بِغِبْطَةٍ، وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي دَقَائِقِهِ: إنَّ عِبَارَتَهُ أَصْوَبُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ يُعْتَبَرُ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ التَّكْلِيفُ؛ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَنْتَقِضُ بِالسَّكْرَانِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مَعَ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ.

وَالثَّالِثُ: الْمُكْرَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَإِنَّهُ مُكَلَّفٌ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. قَالَ: وَلَا يَرُدُّ وَاحِدٌ مِنْهَا عَلَى الْمِنْهَاجِ اهـ.

بَلْ وَلَا عَلَى الْمُحَرَّرِ. أَمَّا السَّكْرَانُ فَفِي كَوْنِهِ مُكَلَّفًا خِلَافٌ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّهُ مُكَلَّفٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>