للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُسْلِمُ فِي الْأَظْهَرِ، إلَّا أَنْ يَعْتِقَ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[مغني المحتاج]

يُسَلَّمُ إلَيْهِ وَلَوْ رُجِيَ إسْلَامُهُ بِخِلَافِ تَمْكِينِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ لِمَا فِي تَمْكِينِهِ مِنْ الْإِهَانَةِ، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِتَمَلُّكِ أَهْلِ الذِّمَّةِ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ وَعَلَيْهَا الْآيَاتُ مِنْ الْقُرْآنِ. وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ وَلَا مِنْ الْخَلَفِ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَكَأَنَّهُ سُومِحَ فِي ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ.

(وَ) لَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْكَافِرِ الْعَبْدَ (الْمُسْلِمَ) لِنَفْسِهِ وَلَا لِمِثْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إذْلَالِ الْمُسْلِمِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] وَقَوْلُهُ (فِي الْأَظْهَرِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي شِرَاءِ الْمُسْلِمِ. وَأَمَّا فِي الْمُصْحَفِ فَلَا بَلْ الْأَصَحُّ فِيهِ وَفِيمَا ذُكِرَ مَعَهُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَالتَّهْذِيبِ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ، وَفَرَّقَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بِرَجَاءِ الْعِتْقِ وَالرَّافِعِيُّ، بِأَنَّ الْعَبْدَ يُمْكِنُهُ الِاسْتِغَاثَةُ وَدَفْعُ الذُّلِّ عَنْ نَفْسِهِ، وَمُقَابِلُهُ يَصِحُّ ذَلِكَ وَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ. أَمَّا لَوْ اشْتَرَى مَا ذُكِرَ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ، وَيُفَارِقُ مَنْعَ إنَابَةِ الْمُسْلِمِ كَافِرًا فِي قَبُولِ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ بِاخْتِصَاصِ النِّكَاحِ بِالتَّعَبُّدِ لِحُرْمَةِ الْأَبْضَاعِ، وَبِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لِمُسْلِمَةٍ، بِخِلَافِ مِلْكِهِ لِمُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَا يَتَمَلَّكُ الْكَافِرُ مُرْتَدًّا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَام، وَلَا شِرَاءُ الْمُسْلِمِ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ بِالْوَكَالَةِ لِكَافِرٍ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمُصْحَفُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ كَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ (إلَّا أَنْ يَعْتِقَ عَلَيْهِ) وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ:

الْأُولَى: إذَا كَانَ الْمَبِيعُ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا لِلْمُشْتَرِي.

الثَّانِيَةُ: إذَا قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَأَجَابَهُ.

الثَّالِثَةُ: إذَا أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ مُسْلِمٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، لَكِنْ الصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الثَّالِثَةِ أَنَّهُ افْتِدَاءٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لَا شِرَاءٌ (فَيَصِحُّ) بِالرَّفْعِ: أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ وَيَمْلِكُهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الْعِتْقَ فَلَا إذْلَالَ، وَإِنَّمَا قَيَّدْت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالرَّفْعِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ لِيَكُونَ مُسْتَأْنَفًا، إذْ لَوْ كَانَ مَنْصُوبًا لَكَانَ مِنْ دُخُولِ الِاسْتِثْنَاءِ فَيَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَقِيضِهِ: أَيْ يَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ الصِّحَّةِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ وَهُوَ فَاسِدٌ. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ إذْ لَا يَخْلُو عَنْ إذْلَالٍ،.

وَلِلْكَافِرِ اسْتِئْجَارُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَلَوْ إجَارَةَ عَيْنٍ، وَلَهُ اسْتِئْجَارُ مُصْحَفٍ وَنَحْوِهِ إذْ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا تَسَلُّطٌ تَامٌّ، وَإِنَّمَا يَسْتَوْفِي مَنْفَعَتَهُ بِعِوَضٍ، وَقَدْ أَجَّرَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَفْسَهُ لِكَافِرٍ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي غَيْرِ الْأَعْمَالِ الْمُمْتَهَنَةِ. أَمَّا فِيهَا كَإِزَالَةِ قَاذُورَاتِهِ فَتَمْتَنِعُ قَطْعًا، وَيُؤْمَرُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ بِإِجَارَتِهِ لِمُسْلِمٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِيُزِيلَ مِلْكَهُ عَنْ الْمَنْفَعَةِ كَمَا يُزِيلُ مِلْكَهُ عَنْ الرَّقَبَةِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ فِيهَا يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ الْعَمَلِ بِغَيْرِهِ، وَلَهُ ارْتِهَانُهُ وَارْتِهَانُ الْمُصْحَفِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>