وَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْكَافِرِ الْمُصْحَفَ.
ــ
[مغني المحتاج]
وَمِنْ صُوَرِهِ: مَا إذَا أَذِنَ شَخْصٌ لِعَبْدِ غَيْرِهِ فِي بَيْعِ مَالِهِ، قَالَ: فَلِلسَّيِّدِ إكْرَاهُهُ عَلَى بَيْعِهِ، وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمُصَادَرِ بِفَتْحِ الدَّالِ مِنْ جِهَةِ ظَالِمٍ: بِأَنْ بَاعَ مَالَهُ لِدَفْعِ الْأَذَى الَّذِي نَالَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا إكْرَاهَ فِيهِ، إذْ مَقْصُودُ مَنْ صَادَرَ تَحْصِيلُ الْمَالِ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ كَانَ.
فُرُوعٌ: لَوْ أَتْلَفَ الصَّبِيُّ أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ مَا ابْتَاعَ أَوْ مَا اقْتَرَضَ مِنْ رَشِيدٍ وَأَقْبَضَهُ لَهُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ الْمُقْبِضَ هُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ، هَذَا فِي الظَّاهِرِ. أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيَغْرَمُ بَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ أَوْ مِنْ صَبِيٍّ مِثْلِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيَّانِ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا قَبَضَ مِنْ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْوَلِيَّيْنِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا فَقَطْ لِوُجُودِ التَّسْلِيطِ مِنْهُمَا وَعَلَى الْبَائِعِ لِلصَّبِيِّ رَدُّ الثَّمَنِ إلَى وَلِيِّهِ فَلَوْ رَدَّهُ إلَى الصَّبِيِّ وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَهُوَ مِلْكُ الصَّبِيِّ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ أَوْ لِلْوَلِيِّ بَرِئَ مِنْهُ، وَمَحَلُّ عَدَمِ الْبَرَاءَةِ بِالدَّفْعِ لِلصَّبِيِّ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَصْلَحَةٍ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهِ مِنْ مَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ وَنَحْوِهِمَا وَإِلَّا بَرِئَ، وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ: سَلِّمْ وَدِيعَتِي إلَى الصَّبِيِّ أَوْ أَلْقِهَا فِي الْبَحْرِ فَفَعَلَ بَرِئَ لِأَنَّهُ امْتَثَلَ أَمْرَهُ فِي حَقِّهِ الْمُتَعَيَّنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ، وَلَوْ أَعْطَى صَبِيٌّ دِينَارًا لِنَقَّادٍ يَنْقُدُهُ أَوْ مَتَاعًا لِمُقَوِّمٍ يُقَوِّمُهُ ضَمِنَ مَنْ أَخَذَهُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ لِوَلِيِّهِ إنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ أَوْ لِمَالِكِهِ إنْ كَانَ لِغَيْرِهِ وَلَوْ أَوْصَلَ صَبِيٌّ هَدِيَّةً إلَى غَيْرِهِ وَقَالَ: هِيَ مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ أَخْبَرَ بِالْإِذْنِ بِالدُّخُولِ عُمِلَ بِخَبَرِهِ مَعَ مَا يُفِيدُ الْعِلْمَ أَوْ الظَّنَّ مِنْ قَرِينَةٍ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ لِاعْتِمَادِ السَّلَفِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حِينَئِذٍ وَكَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ الْفَاسِقُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ.
(وَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ الْكَافِرِ) وَلَوْ مُرْتَدًّا لِنَفْسِهِ أَوْ لِمِثْلِهِ (الْمُصْحَفَ) كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَلَا يَتَمَلَّكُهُ بِسَلَمٍ وَلَا بِهِبَةٍ وَلَا وَصِيَّةٍ وَلَا كُتُبَ حَدِيثٍ وَلَا آثَارَ سَلَفٍ وَلَا كُتُبَ فِقْهٍ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِهَانَةِ لَهَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْقُوتِ: وَالْمُرَادُ بِآثَارِ السَّلَفِ حِكَايَاتُ الصَّالِحِينَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِهَانَةِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِهِمْ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: كُتُبَ عِلْمٍ، وَإِنْ خَلَتْ عَنْ الْآثَارِ تَعْظِيمًا لِلْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ اهـ.
وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ ابْنُهُ: وَتَعْلِيلُهُ يُفِيدُ جَوَازَ تَمَلُّكِهِ كُتُبَ عُلُومٍ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ، وَيَنْبَغِي مَنْعُهُ مِنْ تَمَلُّكِ مَا يَتَعَلَّقُ مِنْهَا بِالشَّرْعِ كَكُتُبِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ. قَالَ شَيْخُنَا وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ: أَيْ بَلْ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ نَسَخَ الْكَافِرُ مُصْحَفًا: أَيْ أَوْ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ مِنْ كُتُبِ حَدِيثٍ أُمِرَ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا يُمَكَّنُ الْكَافِرُ مِنْ تَجْلِيدِ الْمُصْحَفِ اهـ.
وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute