للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ لَا لِرَغْبَةٍ بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ.

وَبَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ.

ــ

[مغني المحتاج]

بِأَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ) لِلسِّلْعَةِ الْمَعْرُوضَةِ لِلْبَيْعِ (لَا لِرَغْبَةٍ) فِي شِرَائِهَا (بَلْ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ) فَيَشْتَرِيهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ الْإِيذَاءُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَأَمَّلْ وَلَمْ يُرَاجِعْ أَهْلَ الْخِبْرَةِ. وَالثَّانِي: لَهُ الْخِيَارُ لِلتَّدْلِيسِ كَالتَّصْرِيَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ مُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ لِلنَّاجِشِ وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ جَزْمًا، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَعْطَيْتُ فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ كَذَا فَبَانَ خِلَافُهُ، وَكَذَا لَوْ أَخْبَرَهُ عَارِفٌ بِأَنَّ هَذَا عَقِيقٌ أَوْ فَيْرُوزَجُ بِمُوَاطَأَةٍ فَاشْتَرَاهُ، ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ.

تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ لِيَخْدَعَ غَيْرَهُ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ زَادَ لِيُسَاوِي قِيمَةَ السِّلْعَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالْمُتَّجَهُ التَّحْرِيمُ لِإِيذَاءِ الْمُشْتَرِي، وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» .

ثُمَّ شَرَعَ فِي الصُّورَةِ السَّابِعَةِ، فَقَالَ: (وَبَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ) وَنَحْوِهِمَا كَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ (لِعَاصِرِ الْخَمْرِ) وَالنَّبِيذِ: أَيْ لِمُتَّخِذِهَا لِذَلِكَ بِأَنْ يَعْلَمَ مِنْهُ ذَلِكَ أَوْ يَظُنَّهُ ظَنًّا غَالِبًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ بَيْعُ الْغِلْمَانِ الْمُرْدِ مِمَّنْ عُرِفَ بِالْفُجُورِ بِالْغِلْمَانِ وَبَيْعُ السِّلَاحِ مِنْ بَاغٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِمَا، وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ يُفْضِي إلَى مَعْصِيَةٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ. أَمَّا إذَا شَكَّ فِيمَا ذُكِرَ أَوْ تَوَهَّمَهُ فَالْبَيْعُ مَكْرُوهٌ، وَيَحْرُمُ الِاحْتِكَارُ لِلتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ: وَهُوَ إمْسَاكُ مَا اشْتَرَاهُ وَقْتَ الْغَلَاءِ لِيَبِيعَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ عِنْدَ اشْتِدَادِ الْحَاجَةِ بِخِلَافِ إمْسَاكِ مَا اشْتَرَاهُ وَقْتَ الرُّخْصِ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا وَلَا إمْسَاكِ غَلَّةِ ضَيْعَتِهِ، وَلَا مَا اشْتَرَاهُ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ أَوْ لِيَبِيعَهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهُ، وَفِي كَرَاهَةِ إمْسَاكِ مَا فَضَلَ عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ سَنَةً وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ الْكَرَاهَةِ، لَكِنَّ الْأَوْلَى بَيْعُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَيَخْتَصُّ تَحْرِيمُ الِاحْتِكَارِ بِالْأَقْوَاتِ، وَمِنْهَا الذُّرَةُ وَالْأُرْزُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ فَلَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَطْعِمَةِ، وَيَحْرُمُ التَّسْعِيرُ وَلَوْ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ بِأَنْ يَأْمُرَ الْوَالِي السُّوقَةَ أَنْ لَا يَبِيعُوا أَمْتِعَتَهُمْ إلَّا بِكَذَا لِلتَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَطْعِمَةِ: وَهُوَ كَذَلِكَ، فَلَوْ سَعَّرَ الْإِمَامُ عُزِّرَ مُخَالِفُهُ بِأَنْ بَاعَ بِأَزْيَدَ مِمَّا سَعَّرَ لِمَا فِيهِ مِنْ مُجَاهَرَةِ الْإِمَامِ بِالْمُخَالَفَةِ، وَصَحَّ الْبَيْعُ إذْ لَمْ يَعْهَدْ الْحَجْرَ عَلَى الشَّخْصِ فِي مِلْكِهِ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ التَّعْزِيرَ مُفَرَّعٌ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسْعِيرِ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِمَا مَرَّ، وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ. وَقَالُوا: إنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى جَوَازِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>