للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ كَخِصَاءِ رَقِيقٍ وَزِنَاهُ وَسَرِقَتِهِ وَإِبَاقِهِ

ــ

[مغني المحتاج]

فَصْلٌ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ، وَهُوَ الْمُعَلَّقُ بِفَوَاتِ مَقْصُودٍ مَظْنُونٍ، نَشَأَ الظَّنُّ فِيهِ مِنْ قَضَاءٍ عُرْفِيٍّ أَوْ الْتِزَامٍ شَرْطِيٍّ أَوْ تَغْرِيرٍ فِعْلِيٍّ ثُمَّ شَرَعَ فِي الْأَمْرِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا يُظَنُّ حُصُولُهُ بِالْعُرْفِ، وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَيْبِ، فَقَالَ (لِلْمُشْتَرِي) الْجَاهِلِ بِمَا يَأْتِي (الْخِيَارُ بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ) وَالْمُرَادُ بِقِدَمِهِ كَوْنُهُ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي. أَمَّا الْمُقَارِنُ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الْحَادِثُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَكَذَا جُزْؤُهُ وَصِفَتُهُ.

تَنْبِيهٌ: إنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي، لِأَنَّ حُصُولَ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ هُوَ الْغَالِبُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ طَرْدِهِ مَسَائِلُ: مِنْهَا مَا إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي كَمَا سَيَأْتِي. وَمِنْهَا مَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا أَوْ وَلِيَّ مَحْجُورٍ أَوْ عَامِلَ قِرَاضٍ وَكَانَتْ الْغِبْطَةُ فِي الْإِمْسَاكِ. وَمِنْهَا مَا إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ وَرَضِيَ الْمُوَكِّلُ بِالْعَيْبِ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْدِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى إزَالَةِ الْعَيْبِ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ. نَعَمْ لَوْ أَحْرَمَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ بَاعَهُ فَلِلْمُشْتَرِي تَحْلِيلُهُ كَالْبَائِعِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ وَفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَقْصُودِ كَالْعَيْبِ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ، فَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا كَاتِبًا أَوْ مُتَّصِفًا بِصِفَةٍ تَزِيدُ عَلَى ثَمَنِهِ ثُمَّ زَالَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ بِنِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَوَاتُهَا عَيْبًا قَبْلَ وُجُودِهَا، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (كَخِصَاءِ) حَيَوَانٍ بِالْمَدِّ (رَقِيقٍ) أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْفَحْلَ يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْخَصِيُّ، وَالْجَبُّ كَالْخِصَاءِ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ.

تَنْبِيهٌ: عِبَارَتُهُ تُفْهِمُ بِغَيْرِ مَا قَدَّرْتُهُ أَنَّ الْخِصَاءَ فِي الْبَهَائِمِ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَلَيْسَ مُرَادًا، فَقَدْ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ عَيْبٌ فِيهَا، وَلِذَلِكَ لَمْ يُقَيِّدْهُ فِي الرَّوْضَةِ بِالرَّقِيقِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الثِّيرَانَ الْغَالِبُ فِيهَا الْخِصَاءُ، فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارٌ لِدُخُولِهَا فِي قَوْلِهِمْ إذَا غَلَبَ فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ، وَإِذَا كَانَ فِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي الضَّأْنِ الْمَقْصُودُ لَحْمُهُ تَوَقُّفٌ لِغَلَبَةِ ذَلِكَ فِيهِ، وَكَذَا فِي الْبَرَاذِينِ وَالْبِغَالِ، بَلْ الْفُحُولَةُ نَقْصٌ فِيهَا (وَزِنَاهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (وَسَرِقَتِهِ وَإِبَاقِهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَلَوْ تَابَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ تُهْمَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>