وَبَوْلِهِ فِي الْفِرَاشِ وَبَخَرِهِ وَصُنَانِهِ
ــ
[مغني المحتاج]
الزِّنَا لَا تَزُولُ، وَلِهَذَا لَا يَعُودُ إحْصَانُ الْحُرِّ الزَّانِي بِالتَّوْبَةِ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ السَّرِقَةَ أَوْ الْإِبَاقَ مَعَ التَّوْبَةِ عَيْبٌ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْإِبَاقِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ السَّرِقَةِ مَا إذَا دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَ الْحَرْبِ وَمَعَهُ عَبْدُهُ فَسَرَقَ الْعَبْدُ مَالَ حَرْبِيٍّ. قَالَ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنْ لَا يُجْعَلَ ذَلِكَ عَيْبًا مُثْبِتًا لِلرَّدِّ ابْتِدَاءً اهـ.
وَالْأَوْلَى عَدَمُ اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا غَنِيمَةٌ وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ عَلَى صُورَةِ السَّرِقَةِ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ إبَاقِ الْعَبْدِ مَا لَوْ خَرَجَ عَبْدٌ مِنْ بِلَادِ الْهُدْنَةِ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ وَجَاءَ إلَيْنَا فَلِلْإِمَامِ بَيْعُهُ، وَلَا يُجْعَلُ بِذَلِكَ آبِقًا مِنْ سَيِّدِهِ مُوجِبًا لِلرَّدِّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِبَاقَ مَطْلُوبٌ، وَحَيْثُ قِيلَ لَهُ الرَّدُّ بِالْإِبَاقِ فَمَحَلُّهُ فِي حَالِ عَوْدِهِ. أَمَّا حَالَ إبَاقِهِ فَلَا رَدَّ قَطْعًا وَلَا أَرْشَ فِي الْأَصَحِّ (وَبَوْلِهِ فِي الْفِرَاشِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إنْ خَالَفَ الْعَادَةَ بِأَنْ اعْتَادَهُ لِسَبْعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ تَقْرِيبًا؛ لِأَنَّهُ يَقِلُّ الرَّغْبَةُ فِيهِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ كِبَرِ الْعَبْدِ لَمْ يَرُدَّ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ، لِأَنَّ عِلَاجَهُ فِي الْكِبَرِ صَعْبٌ فَصَارَ كِبَرُهُ عَيْبًا حَدَثَ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَمَحَلُّ الرَّدِّ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا كَانَ يَبُولُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَظَهَرَ أَمْرُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي. أَمَّا لَوْ كَانَ يَبُولُ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ لَمْ يَبُلْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَا رَدَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَيْبَ قَدْ زَالَ قَبْلَ الْبَيْعِ (وَبَخَرِهِ) وَهُوَ النَّاشِئُ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَعِدَةِ دُونَ مَا يَكُونُ مِنْ قَلَحِ الْأَسْنَانِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَزُولُ بِتَنْظِيفِ الْفَمِ، وَاعْتَرَضَ ذَلِكَ فِي الذَّخَائِرِ بِأَنَّ التَّغَيُّرَ بِالْقَلَحِ لَا يُسَمَّى بَخَرًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ اعْتِرَاضٌ صَحِيحٌ (وَصُنَانِهِ) الْمُسْتَحْكِمِ دُونَ مَا يَكُونُ لِعَارِضِ عَرَقٍ أَوْ حَرَكَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَعُيُوبُ الرَّقِيقِ لَا تَكَادُ تَنْحَصِرُ، فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ نَمَّامًا، أَوْ كَذَّابًا، أَوْ سَاحِرًا، أَوْ قَاذِفًا لِلْمُحْصَنَاتِ، أَوْ مُقَامِرًا، أَوْ تَارِكًا لِلصَّلَاةِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ تَرْكِ مَا يُقْتَلُ بِهِ مِنْهَا أَوْ شَارِبًا مَا يُسْكِرُ وَإِنْ لَمْ يَسْكَرْ بِشُرْبِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِالْمُسْلِمِ دُونَ مَنْ يَعْتَادُ ذَلِكَ مِنْ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ غَالِبٌ فِيهِمْ، أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا، أَوْ وَاضِحًا، أَوْ مُخَنَّثًا، وَهُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا الَّذِي تُشْبِهُ حَرَكَاتُهُ حَرَكَاتِ النِّسَاءِ خَلْقًا وَخُلُقًا، أَوْ مُمَكِّنًا مِنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مُرْتَدًّا، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنْ تَابَ أَوْ مُحْرِمًا بِإِذْنٍ مِنْ الْبَائِعِ، أَوْ كَافِرًا لَمْ يُجَاوِرْهُ كُفَّارٌ لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ، فَإِنْ جَاوَرَهُ كُفَّارٌ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ، أَوْ كَوْنُ الْأَمَةِ رَتْقَاءَ، أَوْ قَرْنَاءَ، أَوْ مُسْتَحَاضَةً، أَوْ يَتَطَاوَلُ طُهْرُهَا فَوْقَ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ، أَوْ لَا تَحِيضُ وَهِيَ فِي سِنِّ الْحَيْضِ غَالِبًا بِأَنْ بَلَغَتْ عِشْرِينَ سَنَةً، قَالَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِعِلَّةٍ أَوْ حَامِلًا؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ مِنْ هَلَاكِهَا بِالْوَضْعِ لَا فِي الْبَهَائِمِ فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهَا السَّلَامَةُ، أَوْ مُعْتَدَّةً وَلَوْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِنَحْوِ نَسَبٍ خِلَافًا لِلْجِيلِيِّ فِي الْمُحَرَّمَةِ أَوْ كَافِرَةً كُفْرًا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ كَوَثَنِيَّةٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute