فَلْيُبَادِرْ عَلَى الْعَادَةِ، فَلَوْ عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي أَوْ يَأْكُلُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَفْرُغَ أَوْ
ــ
[مغني المحتاج]
فَقَالَ الْإِمَامُ: إنْ قُلْنَا لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالرِّضَا: أَيْ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا يُعْتَبَرُ الْفَوْرُ إذْ الْمِلْكُ مَوْقُوفٌ عَلَى الرِّضَا. وَكَذَا إنْ قُلْنَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْفَوْرُ فِيمَا يُؤَدِّي رَدُّهُ إلَى رَفْعِ الْعَقْدِ.
تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ صُوَرٌ: مِنْهَا لَوْ أَجَّرَ الْمَبِيعَ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْعَيْنِ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. وَمِنْهَا قَرِيبُ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ. وَمَنْ يَنْشَأُ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ إذَا ادَّعَى الْجَهْلَ بِأَنَّ لَهُ الرَّدَّ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ. وَلَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالْفَوْرِيَّةِ وَكَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ قُبِلَ. وَمِنْهَا مَا لَوْ بَاعَ مَالًا زَكَوِيًّا قَبْلَ الْحَوْلِ وَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا. وَقَدْ مَضَى حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَمْ يُخْرِجْ الزَّكَاةَ بَعْدُ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ حَتَّى يُخْرِجَهَا سَوَاءٌ أَقُلْنَا: الزَّكَاةُ تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ أَمْ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ لِلسَّاعِي أَخْذَ الزَّكَاةِ مِنْ عَيْنِهَا لَوْ تَعَذَّرَ أَخْذُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي. وَذَلِكَ عَيْبٌ حَادِثٌ فَلَا يَبْطُلُ الرَّدُّ بِالتَّأْخِيرِ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ. لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْهُ قَبْلَهُ. وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ مَعَ التَّمَكُّنِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ بِالشِّقْصِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فَأَمْسَكَ عَنْ رَدِّهِ انْتِظَارًا لِلشَّفِيعِ. فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ غَائِبًا بَطَلَ حَقُّهُ بِالِانْتِظَارِ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَلَا. وَمِنْهَا مَا إذَا اشْتَغَلَ بِالرَّدِّ بِعَيْبٍ وَأَخَذَ فِي تَثْبِيتِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ فَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ آخَرَ وَيُعْذَرُ فِيهِ لِاشْتِغَالِهِ بِالرَّدِّ بِعَيْبٍ غَيْرِهِ، فَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ اشْتَرَى جَارِيَةً، ثُمَّ ادَّعَى جُنُونَهَا وَطَلَبَ رَدَّهَا وَلَمْ يَثْبُتْ جُنُونُهَا فَادَّعَى عَلَيْهِ بِعَيْبٍ ثَانٍ فَإِنَّ لَهُ الرَّدَّ إذَا ثَبَتَ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ جُنُونٍ مُتَقَدِّمٍ وَلَا تَأْخِيرِ إثْبَاتِهِ إذَا كَانَ لِعَجْزِهِ.
وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا أُزِيلُ مَا بِهِ مِنْ عَيْبٍ وَأَمْكَنَ فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهَا كَنَقْلِ الْحِجَارَةِ الْمَدْفُونَةِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ وَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي (فَلْيُبَادِرْ) مُرِيدُ الرَّدِّ (عَلَى الْعَادَةِ) وَلَا يُؤْمَرُ بِالْعَدْوِ وَالرَّكْضِ لِيَرُدَّ (فَلَوْ عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (أَوْ يَأْكُلُ) أَوْ يَقْضِي حَاجَتَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ أَوْ وَهُوَ فِي حَمَّامٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الشُّفْعَةِ (فَلَهُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَفْرُغَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا، وَلَا يَلْزَمُهُ تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ وَالِاقْتِصَارُ فِيهَا عَلَى مَا يُجْزِئُ وَلَا يَزِيدُ فِيهَا عَلَى مَا يُسَنُّ لِلْمُنْفَرِدِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَهُ وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَمْ يَشْرَعْ فِيهَا أَنَّ الْحُكْمَ بِخِلَافِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا إذْ لَا فَرْقَ، وَلَوْ لَبِسَ ثَوْبَهُ أَوْ غَلَّقَ بَابَهُ فَلَا بَأْسَ، وَلَا يَضُرُّ فِي الرَّدِّ الِابْتِدَاءُ بِالسَّلَامِ بِخِلَافِ الِاشْتِغَالِ بِمُحَادَثَتِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبَقَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَجَازَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ فَلَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعُدْ الْعَبْدُ إلَيْهِ (أَوْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute