للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْلًا فَحَتَّى يُصْبِحَ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ بِالْبَلَدِ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ عَلَى وَكِيلِهِ وَلَوْ تَرَكَهُ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ فَهُوَ آكَدُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا رُفِعَ إلَى الْحَاكِمِ.

ــ

[مغني المحتاج]

عَلِمَهُ (لَيْلًا) وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِكُلْفَةِ السَّيْرِ فِيهِ، وَنَقَلَ نَحْوَهُ عَنْ التَّتِمَّةِ (فَحَتَّى يُصْبِحَ) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كُلْفَةٌ فِي السَّيْرِ: كَأَنْ كَانَ جَارًا لَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ) الْمَالِكُ (بِالْبَلَدِ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ) إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالتَّوْكِيلِ تَأْخِيرٌ (أَوْ عَلَى وَكِيلِهِ) بِالْبَلَدِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ، أَمَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلًا فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مُوَكِّلِهِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ رَدَّهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَكِيلِهِ: أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الرَّدُّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَةَ عَلَيْهِ فَفَاتَهُ النَّصُّ عَلَى التَّخْيِيرِ عِنْدَ الرَّدِّ إلَى الْوَكِيلِ، وَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ رَدَّهُ عَلَى وَارِثِهِ أَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ فَعَلَى وَلِيِّهِ (وَلَوْ تَرَكَهُ) أَيْ الْبَائِعُ أَوْ وَكِيلُهُ (وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ فَهُوَ آكَدُ) ، لِأَنَّ الْخَصْمَ رُبَّمَا أَحْوَجَهُ فِي آخَرِ الْأَمْرِ إلَى الْمُرَافَعَةِ إلَيْهِ فَيَكُونُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ فَاصِلًا لِلْأَمْرِ جَزْمًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الِاطِّلَاعُ بِحَضْرَةِ أَحَدِهِمْ أَمْ فِي غَيْبَةِ الْكُلِّ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا مَرَّ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إذَا عُلِمَ بِحَضْرَةِ أَحَدِهِمْ فَالتَّأْخِيرُ لِغَيْرِهِ تَقْصِيرٌ، وَإِذَا جَاءَ إلَى الْحَاكِمِ لَا يَدَّعِي؛ لِأَنَّ غَرِيمَهُ غَائِبٌ عَنْ الْمَجْلِسِ وَهُوَ فِي الْبَلَدِ غَيْرُ مُتَوَارٍ وَلَا مُتَعَزِّزٍ، وَإِنَّمَا يَفْسَخُ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ يَطْلُبُ غَرِيمَهُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ.

قَالَ السُّبْكِيُّ: إذَا قُلْنَا: الْقَاضِي لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَمَا فَائِدَةُ ذَلِكَ، فَلَعَلَّ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَخْلُو غَالِبًا عَنْ شُهُودٍ أَوْ يَصِيرُ الْحَاكِمُ شَاهِدًا لَهُ (وَإِنْ كَانَ) الْبَائِعُ (غَائِبًا) عَنْ الْبَلَدِ وَلَا وَكِيلَ لَهُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْمَسَافَةُ قَرِيبَةً أَمْ بَعِيدَةً (رَفَعَ) الْأَمْرَ (إلَى الْحَاكِمِ) وَلَا يُؤَخَّرُ لِقُدُومِهِ، وَطَرِيقُهُ عِنْدَ الرَّفْعِ أَنْ يَدَّعِيَ شِرَاءَ ذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْعَيْبُ وَأَنَّهُ فَسَخَ الْبَيْعَ، وَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ وَيُحَلِّفُهُ الْحَاكِمُ أَنَّ الْأَمْرَ جَرَى كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ وَيُحْكَمُ بِالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ وَيَبْقَى الثَّمَنُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ الْمَبِيعَ وَيَضَعُهُ عِنْدَ عَدْلٍ ثُمَّ يُعْطِيهِ الْقَاضِي الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْغَائِبِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ سِوَى الْمَبِيعِ بَاعَهُ فِيهِ، فَإِنْ قِيلَ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ فَسْخِهِ بِالْعَيْبِ حَبْسَ الْمَبِيعِ إلَى اسْتِرْجَاعِ ثَمَنِهِ مِنْ الْبَائِعِ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ بِخَصْمٍ فَيُؤْتَمَنُ بِخِلَافِ الْبَائِعِ، فَإِنْ قِيلَ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ الْغَيْبَةَ يَشْمَلُ قَصِيرَ الْمَسَافَةِ كَمَا تَقَرَّرَ مَعَ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَصِحُّ فِيهِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ؛ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ الْخُرُوجَ عَنْ الْبَلَدِ مَشَقَّةً،

<<  <  ج: ص:  >  >>