للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْفَسْخِ إنْ أَمْكَنَهُ حَتَّى يُنْهِيَهُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ بِالْفَسْخِ فِي الْأَصَحِّ.

وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ، فَلَوْ اسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ أَوْ تَرَكَ عَلَى الدَّابَّةِ سَرْجَهَا أَوْ إكَافَهَا بَطَلَ حَقُّهُ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُرَادُ بِالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ عِنْدَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ لِيَفْسَخَ عِنْدَهُ أَوْ لِيَطْلُبَ الرَّدَّ بِفَسْخِهِ قَبْلَ الْحُضُورِ إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ. أَمَّا الْقَضَاءُ بِهِ وَفَصْلُ الْأَمْرِ وَبَيْعُ مَالِهِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شُرُوطِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ.

(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (الْإِشْهَادُ عَلَى الْفَسْخِ إنْ أَمْكَنَهُ) وَلَوْ فِي حَالِ عُذْرِهِ كَمَرَضٍ وَغَيْبَةٍ وَخَوْفٍ مِنْ عَدُوٍّ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ يَحْتَمِلُ الْإِعْرَاضَ، وَأَصْلُ الْبَيْعِ اللُّزُومُ فَتَعَيَّنَ الْإِشْهَادُ بِعَدْلَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْغَزَالِيُّ أَوْ عَدْلٍ لِيَحْلِفَ مَعَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الشُّفْعَةِ: إنَّهُ إنْ أَشْهَدَ وَاحِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ مِنْ الْحُكَّامِ مَنْ لَا يَحْكُمُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَلَمْ يَصِرْ مُسْتَوْثِقًا لِنَفْسِهِ بِالْإِشْهَادِ، وَقَوْلُهُ (حَتَّى يُنْهِيَهُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ) يَقْتَضِي بَقَاءَ وُجُوبِ الذَّهَابِ، وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَيْضًا، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ أَنَّهُ يَنْفُذُ الْفَسْخُ وَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَهُ إلَى إتْيَانِ الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ إلَّا لِلتَّسْلِيمِ وَفَصْلِ الْخُصُومَةِ. وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ طَالِبًا لِلْمَالِكِ أَوْ الْحَاكِمِ لَا يُعَدُّ مُقَصِّرًا. أَمَّا الْإِشْهَادُ عَلَى طَلَبِ الْفَسْخِ فَلَا يَكْفِي عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ بِخِلَافِهِ فِي الشُّفْعَةِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إنْشَاءُ الْفَسْخِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ، وَفِي الشُّفْعَةِ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا بِأُمُورٍ مَقْصُودَةٍ فَلَيْسَ الْمَقْدُورُ فِي حَقِّهِ إلَّا الْإِشْهَادُ عَلَى الطَّلَبِ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ) عَلَى الْفَسْخِ (لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ بِالْفَسْخِ فِي الْأَصَحِّ) إذْ يَبْعُدُ إيجَابُهُ مِنْ غَيْرِ سَامِعٍ أَوْ سَامِعٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَتَعَذَّرْ عَلَيْهِ ثُبُوتُهُ فَيَتَضَرَّرُ بِالْمَنْعِ. وَالثَّانِي: يَجِبُ لِيُبَادِرَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَعَلَى هَذَا عَامَّةُ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ.

(وَيُشْتَرَطُ) فِي الرَّدِّ (تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ فَلَوْ اسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ) وَلَوْ بِشَيْءٍ خَفِيفٍ كَقَوْلِهِ: اسْقِنِي وَلَوْ لَمْ يَسْقِهِ كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ الصَّحِيحَةِ (أَوْ تَرَكَ عَلَى الدَّابَّةِ سَرْجَهَا أَوْ إكَافَهَا) وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلْبَائِعِ، أَوْ ابْتَاعَهُ مَعَهَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ بِالنَّزْعِ ضَرَرٌ أَوْ رَكِبَهَا (بَطَلَ حَقُّهُ) مِنْ الرَّدِّ لِإِشْعَارِ ذَلِكَ بِالرِّضَا، وَإِنَّمَا جَعَلَ التَّرْكَ انْتِفَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتْرُكْهُ عَلَى الدَّابَّةِ لَاحْتَاجَ إلَى حَمْلِهِ أَوْ تَحْمِيلِهِ، وَقِيلَ لَا يَضُرُّ الِاسْتِعْمَالُ الْخَفِيفُ كَقَوْلِهِ: أَغْلِقْ الْبَابَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَضُرُّ تَرْكُ اللِّجَامِ وَالْعِذَارِ لِخِفَّتِهِمَا فَلَا يُعَدُّ تَرْكُهُمَا وَلَا تَعْلِيقُهُمَا انْتِفَاعًا، وَلِأَنَّ سَوْقَ الدَّابَّةِ يَعْسُرُ بِدُونِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>