للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ تَلِفَ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ، وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْمُشْتَرِي عَنْ الضَّمَانِ لَمْ يَبْرَأْ فِي الْأَظْهَرِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ.

ــ

[مغني المحتاج]

يُوجَدْ الْعَقْدُ فِي الزَّوَائِدِ وَلَمْ تَحْتَوِ يَدُهُ عَلَيْهَا لِتَمَلُّكِهَا كَالْمُسْتَامِ وَلَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا كَالْمُسْتَعِيرِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعَدٍّ كَالْغَاصِبِ حَتَّى يَضْمَنَ، وَسَبَبُ ضَمَانِ الْيَدِ عِنْدَهُمْ أَحَدُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ قَبْضِ الْبَائِعِ لَهُ كَذَلِكَ.

(فَإِنْ تَلِفَ) الْمَبِيعُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ (انْفَسَخَ الْبَيْعُ) لِتَعَذُّرِ قَبْضِهِ الْمُسْتَحَقَّ كَالتَّفْرِيقِ قَبْلَهُ فِي الصَّرْفِ (وَسَقَطَ الثَّمَنُ) إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَجَبَ رَدُّهُ أَوْ كَانَ دَيْنًا عَلَى الْبَائِعِ عَادَ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ، وَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ قُبَيْلَ التَّلَفِ فَتَجْهِيزُهُ عَلَى الْبَائِعِ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهِ إلَيْهِ.

تَنْبِيهٌ اسْتَثْنَى مِنْ طَرْدِهِ مَا لَوْ وَضَعَ الْمَبِيعَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْ قَبْضِهَا كَمَا مَرَّ، وَمِنْ عَكْسِهِ مَا لَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَدِيعَةً مِنْ الْبَائِعِ. وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ الْحَبْسِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَهُوَ كَتَلَفِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَمَا لَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ وَتَلِفَ فَهُوَ كَتَلَفِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ فَيَنْفَسِخُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ وَلِلْبَائِعِ بَدَلُهُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ كَالْمُسْتَعَارِ، وَفِي مَعْنَى التَّلَفِ وُقُوعُ الدِّرَّةِ وَنَحْوِهَا فِي الْبَحْرِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهَا مِنْهُ وَانْفِلَاتُ الصَّيْدِ الْمُتَوَحِّشِ وَالطَّيْرِ إذَا لَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ وَاخْتِلَاطُ مُتَقَوِّمٍ كَثَوْبٍ أَوْ شَاةٍ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ وَانْقِلَابُ الْعَصِيرِ خَمْرًا عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ عَادَ خَلًّا كَمَا أَطْلَقَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا خِلَافَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي بَابِ الرَّهْنِ. وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي هُنَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضِ: مِنْ أَنَّهُ مَتَى عَادَ عَادَ حُكْمُهُ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْخَلَّ دُونَ الْعَصِيرِ، وَلَوْ أَبِقَ الرَّقِيقُ أَوْ ضَلَّ أَوْ غُصِبَ قَبْلَ الْقَبْضِ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَلَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ لِرَجَاءِ الْعَوْدِ، فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ لَمْ يَطُلْ خِيَارُهُ مَا لَمْ يَرْجِعْ وَلَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ قَبْلَ الْعَوْدِ، فَإِنْ سَلَّمَهُ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مَا لَمْ يَفْسَخْ، وَلَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ بِالْمَاءِ أَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهَا صَخْرَةٌ أَوْ رَكِبَهَا رَمْلٌ قَبْلَ قَبْضِهَا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ لَا تَلَفٌ.

فَإِنْ قِيلَ يُنَاقِضُهُ مَا فِي الشُّفْعَةِ مِنْ أَنَّ تَغْرِيقَ الْأَرْضِ تَلَفٌ لَا عَيْبٌ حَتَّى لَوْ حَصَلَ فِي بَعْضِهَا لَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ إلَّا بِالْحِصَّةِ، وَمَا فِي الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهُ كَانْهِدَامِ الدَّارِ فَيَكُونُ تَلَفًا.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَتْلَفْ، وَالْحَيْلُولَةُ لَا تَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ كَإِبَاقِ الْعَبْدِ وَإِنَّمَا جُعِلَتْ تَالِفَةً فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ مُتَمَلِّكٌ، وَالتَّالِفُ مِنْهَا لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ؛ وَلِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالْمُسْتَأْجِرُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الِانْتِفَاعِ لِحَيْلُولَةِ الْمَاءِ وَلَا يُمْكِنُ تَرَقُّبُ زَوَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَتْلَفُ وَلَا تُضْمَنُ (وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْمُشْتَرِي عَنْ الضَّمَانِ لَمْ يَبْرَأْ فِي الْأَظْهَرِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ) الْمَذْكُورُ لِلتَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ أَبْرَأَ عَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>