للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ: كَأَكْلِ الْمَالِكِ طَعَامَهُ الْمَغْصُوبَ ضَيْفًا،

ــ

[مغني المحتاج]

لَمْ يَجِبْ. وَالثَّانِي: يَبْرَأُ لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ، فَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ الثَّمَنُ.

تَنْبِيهٌ: الْجَمْعُ بَيْنَ الْبَرَاءَةِ وَتَغَيُّرِ الْحُكْمِ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَقَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: لَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا مُجَرَّدُ التَّأْكِيدِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَائِدَتُهُ نَفْيُ تَوَهُّمِ عَدَمِ الِانْفِسَاخِ إذَا تَلِفَ وَأَنَّ الْإِبْرَاءِ كَمَا لَا يَرْفَعُ الضَّمَانَ لَا يَرْفَعُ الْفَسْخَ بِالتَّلَفِ وَكَذَلِكَ بَقَاءَ الْمَنْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ.

(وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) الْمَبِيعَ حِسًّا أَوْ شَرْعًا (قَبْضٌ) لَهُ (إنْ عَلِمَ) أَنَّهُ الْمَبِيعَ حَالَةَ إتْلَافِهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَفِي مَعْنَى إتْلَافِهِ مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَأَحْبَلَهَا أَبُوهُ، وَمَا لَوْ اشْتَرَى السَّيِّدُ مِنْ مُكَاتَبِهِ أَوْ الْوَارِثُ مِنْ مُوَرِّثِهِ شَيْئًا ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ أَوْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَارِثِ جَوَازَ بَيْعِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَيَتَعَلَّقُ بِالثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ لَمْ يَنْفُذْ بَيْعُهُ فِي قَدْرِ نَصِيبِ الْآخَرِ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا قَتَلَهُ الْمُشْتَرِي دَفْعًا لِصِيَالِهِ عَلَيْهِ. وَكَذَا الْقَوَدُ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَوْ لِرِدَّةٍ وَالْمُشْتَرِي الْإِمَامُ وَقَصَدَ قَتْلَهُ عَنْهَا فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ صَارَ قَابِضًا لِلْمَبِيعِ وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ الدِّيَاتِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ كَانَ قَابِضًا إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ.

فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَى عَبْدِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ بِقَتْلِهِ كَالْإِمَامِ. .

أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ وَقُلْنَا لَهُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ قَاتِلًا إلَّا بِحُكْمِ الْمِلْكِ، فَالْمِلْكُ هُوَ الَّذِي سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَوْ قُلْنَا: يَنْفَسِخُ وَلَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ لَتَبَيَّنَ بِالْآخِرَةِ أَنَّهُ قَتَلَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لَهُ فَلِذَلِكَ جَعَلْنَا قَتْلَهُ إيَّاهُ قَبْضًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُقَاسُ بِالْمُرْتَدِّ: تَارِكُ الصَّلَاةِ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ وَالزَّانِي وَالْمُحْصَنُ بِأَنْ زَنَى كَافِرٌ حُرٌّ ثُمَّ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ.

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّ أَوْ بِمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى قَاتِلِهِ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ قَتَلَ مِلْكَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ عَلَيْهِ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ، وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ تَفَقُّهًا مَا لَوْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُشْتَرِي فِي الصَّلَاةِ فَقَتَلَهُ لِلدَّفْعِ: أَيْ بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فِي دَفْعِ الْمَارِّ، وَمَا لَوْ قَاتَلَ مَعَ الْبُغَاةِ أَوْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَتَلَهُ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ الْمَبِيعُ قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ أَضَافَهُ بِهِ الْبَائِعُ (فَقَوْلَانِ) وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَجْهَانِ (كَأَكْلِ الْمَالِكِ طَعَامَهُ الْمَغْصُوبَ ضَيْفًا) لِلْغَاصِبِ جَاهِلًا بِأَنَّهُ طَعَامُهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ بِذَلِكَ تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ، وَقَضِيَّةُ الْبِنَاءِ تَصْيِيرَهُ قَابِضًا فِي الْأَصَحِّ وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِمَا تَقَدَّمَ لِأَجْلِ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>