للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يخلقها الباري في الشيء عند تعلقها به، منها العين، وهو معنى يحدث بقدرة الله على جري العادة في المعين إذا أعجب منظره العائن فيلفظ به. ولهذا المعنى نهي العائن عن التلفظ بالإعجاب، لأنه إن لم يتكلم لم يضر اعتقاده عادة. وكذلك سبق من حكمة الله أن العائن إذا برك -أي قال تبارك الله- أسقط قوله بالبركة قوله بالإعجاب، وامتنع ضرره، وإن اغتسل العائن شفي معينه، وهذه خواص شرعية، بحكم إلهية، يشهد لصدقها وجودها كما وصفت " انتهى كلام ابن العربي. وروى مسلم في صحيحه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين). وفي سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المَعِين).

وقوله تعالى حكاية عن يعقوب عليه السلام في نفس السياق {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} [الآية: ٦٧] إشارة إلى أن هذا التدبير الذي نصحهم به أبوهم إنما هو تدبير احتياطي مظنون النفع، وإلا فإن الأمر في الحقيقة بيد الله " ولا ينفع حذر من قدر "، ولذلك وقع التعقيب بعده بقوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا}. والمعنى أن ذلك الإجراء الذي نصحهم به يعقوب لا يدفع قضاء الله، وإنما هو قضاء لحاجة كانت في نفسه هي شفقته عليهم من أن يصيبهم في هذه المرة ما أصابهم في المرة الأولى،

<<  <  ج: ص:  >  >>