للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بنيامين، مؤكدا لهم أن الحافظ من كل سوء على وجه التحقيق هو الله تعالى وحده دون سواه {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}. ثم صارحهم بعد ذلك بأنه لن يغامر بإرسال ابنه بنيامين معهم هذه المرة، إلا إذا أعطوه المواثيق والعهود، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} أي إلا أن تغلبوا فلا تطيقون الإتيان به {فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}.

وقوله تعالى حكاية عن يعقوب عليه السلام مخاطبا لأولاده {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} تنبيه من يعقوب لأبنائه إلى عدم الدخول إلى مصر من باب واحد، حتى لا يستلفتوا الأنظار، وحتى لا تصيبهم الأعين الشريرة بشررها.

قال ابن قيم الجوزية: " فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة، وتقابل المحسود، فتؤثر فيه بتلك الخاصية، وأشبه الأشياء بهذا: الأفعى، فإن السم كامن فيها بالقوة، فإذا قابلت عدوها انبعثت منها قوة غضبية، وتكيفت نفسها بكيفية خبيثة مؤذية ". وقال القاضي أبو بكر (ابن العربي) ما خلاصته: " لا خلاف بين الموحدين أن العين حق، ومن أبدع ما خلق الله النفس، ركبها في الجسم، وجعلها معلومة للعبد ضرورة، لكنها مجهولة الكيفية، إن جاء ينكرُها لم يقدر، لما يظهر من تأثيرها على البدن وجودا وعدما، وإن أراد المعرفة لها لم يستطع، لأنه لا يعلم لأي شيء ينسبها، ولا على أي معنى يقيسها ... ولها آثار

<<  <  ج: ص:  >  >>